الخميس، 16 فبراير 2012

الصحوة الإسلامية


الصحوة الإسلامية " صحوة من أجل الصحوة "

استطاع الدكتور والمفكر عبد الكريم محمد بكار تناول واحد من الموضوعات المهمة في الساحة الفكرية والثقافية في عالمنا العربي والإسلامي وهي موجة الصحوة الدينية والدعوية التي بدأت منذ عقود وتبنتها مؤسسات وشخصيات ومشاريع ضخمة قامت بإعادة موقع الدين من النفوس وقدرته على التأثير في الحياة العامة والخاصة .

وهكذا مثل كل الأفكار الجديدة والاتجاهات الوليدة لابد وأن تحيد بعض الشيء عن هدفها الأصيل أو يظهر عليها بعض الأخطاء والتجاوزات مع مرور الوقت وتقادم الأيام مما يلزمها كثير من النقد والتوجيه وإعادتها إلى نصابها وهذا صميم ما يدعو إليه بكار في هذا المؤلف .

لقد بقي الحديث عن الصحوة في معرض النقد والمراجعة يعتبر خيانة عظمى وتحرك يستبطن كثيراً من النوايا الخبيثة لإماتتة الدين في النفوس وإسكات هذا البعث الجديد له المتمثل في دعوة الصحوة .

وبكار من أبناء الصحوة ومن جيلها الثاني الذي تشكل بصورة أعمق فكراً وأقل تقليدية - كما أعتقد - وهذا يعطيه تأشيرة دخول حصينة للدخول في حمى نقد الصحوة وهي أحوج ما تحتاج إلى خطاب نقدي يفهم عيوبها ويضخ فيها الحياة من جديد وإلا ماتت هذه الدعوة النبيلة وظلت حبيسة العقلية التقليدية التي لم تعد مجدية هذا الوقت .

بدأ بكار باستعراض لتاريخ الصحوة والظروف الاجتماعية والسياسية والفكرية التي عملت على تشكل هذا الاتجاه وقرأ في ثنايا التجربة بعض الأخطاء التي حدثت وعلاقة الصحوة مع الآخرين بمختلف أنماطهم وأفصح عن قيم مهمة تساعد على إعادة الحياة للصحوة .

أستطيع أن أقول أن بكار وكعادته كان ذكياً وبارعاً في ابتداع الكثير من الأفكار والأطروحات التي تساعد على تقدم الصحوة وتحقيق الاستفادة القصوى منها ولا تعدم هذه الأطروحات من الروح المتسامحة والمتعاونة التي تهدف إلى البناء والتعمير دون تفكير من قريب أو بعيد في إقصاء الآخر وتغييب دوره بل دمجه في مشروع النهضة .

لا أعرف لماذا شعرت في باب ( الصحوة وأسئلة النهضة ) وكأن الإصلاحات التي طالب بها بكار في مجال التعليم والاقتصاد والسياسة لا تخص الصحويين في شيء لأنهم - في تصوري - لا يملكون أزمة هذه الأمور ولو كان قد طالب بإنتاج أطروحات صحوية تمثل أفكارهم الأصيلة في هذه المجالات لكان أولى وأيسر .

كان بكار صريحاً وجريئاً في نقاش بعض الأفكار القديمة وطالب بالتجديد فيها وأكد غير مرة أنه لا يميل إلى ذكر أسماء أو طرح تجارب سابقة باسمها لأنه لا يريد الدخول إلى هذه الدوامة المقلقة ، وما كان بودي أن يجرد حديثه من التجارب الواقعية لأنها تعطي الأفكار أكثر عمقاً ومصداقية كما أنها تقرب الصورة أكثر وتجعلها مؤثرة وواقعية .

أتممت قراءة الكتاب يوم الإثنين 16 / 4 / 1432 هـ وكان نهاية سلسلة كتب بكار التي أنتجها مطلع هذا العام ولله الفضل والحمد والمنة والثناء الحسن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق