السبت، 25 فبراير 2012
المنهج الإصلاحي للإمام محمد عبده
ليس غريباً أن يقترن مصطلح " الإصلاح " بالإمام والعالم المصري الفقيه محمد عبده ، فهو رجل الإصلاح الرائد في مصر المستنيرة وفي مطلع العهد البهيج للاعتدال والتنمية والتقدم في البلاد العربية قبل أن تستطير بها عقائد التخلف والفوضى والعنف .
وخير من يعرف محمد عبده وفكره هو المحقق المصري محمد عمارة الذي بذل عمراً طويلاً في تخريج آثار كبار الإصلاحيين في تاريخنا الحديث ومن بينهم هذا الإمام الناضج والمفكر الداهية .
حاول عمارة أن يستجمع من شتات الآثار المتناثرة للإمام عبده أن يضع الخطوط العريضة للفكر الإصلاحي لمحمد عبده .
- الوسطية : وهل نحن إلا أمة الوسط ؟ وهي أنجع الطرق وأسلمها في التفكير والتعايش .
- في نظرية المعرفة : لا تهور ينفي حضوراً للوحي والنص الديني الذي يكفينا شر كبرياء العقل ، ولا غمط لحق الإنسان في التصرف أو دور العقل في المشاركة الوضعية ، معرفة شمولية شمول هذا الدين ، ووسطية توسط هذه الشريعة بين كل طرفين ، ومستنيرة بنور الله في السماوات والأرض والدنيا والآخرة والروح والجسد .
- مقام العقل وحدوده : وكيف يمكن لأمة أن تنهض وهي تلقي بهدية الله العظمى عرض الحائط ؟ كيف لها التقدم وهي تعطل أهم أسرار الإنسان وأعظم أسبابه إلى معرفة الله واكتشاف الكون وبناء الإنسان وعمارة الأرض ؟
- علم السنن والقوانين الاجتماعية : وهذا ما بصح تسميته بعلم الدنيا ، وليس في هذا أدنى امتهان أو انتقاص ، فنحن مأمورون بعمارة الدنيا تماماً كالأمر بعبادة الله والاستعداد للآخرة ، وتقصيرنا في العناية بالدنيا لا يقل ذنباً عن الاهتمام بالتعبد لله عز وجل .
- عن الدين والدولة : يجب أن يعرف لكل طرف دوره ومسؤوليته ، جزء من إشكالات عالمنا العربي والإسلامي هي التشابك الفوضوي والتداخل المعقد بين جسم الدولة وروح الدين ، حتى ما عاد الناس يعرفون لذلك حلاً أو يدرون بطريق .
- الأسرة والمرأة : هذا حيز الفكرة الأخلاقية والاجتماعية من تفكير الإمام ، إذ قوام الشعوب الناضجة الصالحة أسرة متماسكة ورباط وثيق .
هكذا يبدو ذكاء عمارة في تحديد الفكر الإصلاحي للإمام ، أو رأيه في القضايا التي يرى عمارة أنها قوام الحضارة والإصلاح وأكثر ما تحتاج إليه الأمة المسلمة في مواجهة التخلف والوهن الذي تعانيه .
إننا في حاجة ماسة إلى ضخ هذا الفكر الواثق في دينه وصلاح شريعته والمستنير في تفكيره وتحليله غير ملتفت إلى الحماس المتعنف أو القتامة النفسية التي إما أودت بنا إلى حفر اليأس أو استطارت فينا مرض الغضب والتعنيف .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق