الخميس، 16 فبراير 2012

مفهوم الحرية



البدوي أكثر أنفة من غيره وهو ميال الى الخروج عن الحدود المفروضة والقيود التي تحصر رغباته وتمنع نهماته كما انه لا يحب الخضوع لسلطان خارج عن إرادته وحاكم يفرض سيطرته من غير نفسه ولذلك لا يستجيب للتمدن والتحضر الا ان يفرض عليه فرضاً لشعوره انها تحد من حريته .

والبدو هم أصل العرب وحقيقتهم ومادتهم الأولى ولذلك كانت الحرية كحقيقة تتجاوز الألفاظ والمفاهيم المسبقة ألصق بالعرب عن غيرهم وكانت اقعاً معاشاً في النفوس وفي العلائق ولا حاجة لتمحصيها في الفكر والفلسفة والثقافة المنصوصة .

وعندما جاء الدين ( الإسلامي ) لم يأتي لتقليص الحرية أو فرض حدود مقيتة على الناس انما جاء لتنظيمها وترتيبها على نحو تقترب فيه من المسؤولية والتعقل والشرع على اعتبار الاخير يقدم نموذجاً مثالياً ولا يمارس دوراً تسلطياً .
وقد جاء الاسلام بمفهوم يقترب من الموضوعية والصدق والعدل عندما دعا لرفع سقف الحرية كلما ارتفع مستوى التعقل والقدرة على ضبط النفس والحفاظ على مستوى المروءة الخلقية وهذا ما جعل حظ المرأة اقل من غيرها ليس لان الدين يجعل منها شخصاً ناقصاً ولكن الثقافة السائدة تجبر على ذلك .

الاسلام لا ينص على قوانين قطعية وثابتة في تنظيم شؤون العباد ولكنه يعمل دائماً على غرس الحقيقة في النفوس أولاً بينما يكتب الناس نصوصهم الثابتة على اساس فهمهم للحقيقة غير مجانبين لمصلحتهم وتحقيق مواقعهم التي تكفلها الشريعة .

هذا ما جال في خاطري عندما قرأت أول خم وعشرين صفحة من هذا الكتاب للمؤلف عبد الله العروي .

الفصل الثالث : الحرية الليبرالية
انه قراءة تاريخية وفلسفية لتطور مفهوم الحرية الليبرالية في العالم الغربي خلال القرون الثلاثة المتأخرة ومنشأ الخطأ في نقل المفكرين العرب عن هذا المفهوم دون إدراك للتطور وحجم النقد لمدى تناقضه عندما انتقل للتطبيق اثناء الثورة الفرنسية .

لم يراعي المفكرون العرب المرحلة التي كان يعيشها المجتمع حينذاك وانهم غير مهيأين لممارسة هذا المفهوم حقيقة لانهم مجتمعات متخلفة كما قال جون ستورت ميل الذي اتضح ارتباطه في تحديد الفواصل بين الفرد والدولة واكد حاجة المجتمعات المتأخرة التي لم يبلغ فيها الانسان مرحلة الرشد - ومنها العربية - الى تطوير ثقافي واجتماعي وتجاوز لمرحلة التخلف .

ان الحرية الليبرالية تحتاج الى رجل عاقل ومسؤول عن تصرفاته مدرك لمصلحته ومن هذا الأساس يملك حريته ولا يسمح للدولة ان تنظم شؤونه ولا تتدخل في التعامل البشري المصلحي ولكن من يضمن ان يكون الانسان عاقلاً في بعض المجتمعات وان يكون عاقلاً دائماً في المجتمعات المتقدمة وهذا ما يوحي بضرورة تدخل الدولة في بعض الشؤون الخاصة وهو ما يناقض مبادئ الديمقراطية .
في مجتمعاتنا على الدعوات الليبرالية ان ترفعها كشعارات اولاً لتؤكد على قيمة الفكرة وأهميتها ثم تتحول الى التطبيق بعد ان تؤمن بها النخب والجماعات ولكن التطبيق يخضع لظروفنا الدينية والاجتماعية والمعرفية والا نشأت اخطاء خطيرة في هذا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق