الخميس، 16 فبراير 2012
رجال حول الرسول
رجال حول الرسول - صلى الله عليه وسلم -
كفوا عن الحديث وأرهفوا أسماعكم وابسطوا أذهانكم لتقفوا على ملاحم البطولة ومشاهد الفداء التي تكتب لأصحابها الخلود وتحفر أسمائهم في جبين الكرامة والمجد وتصور لكم أبدع حالات الإنسان وأروع نماذج الروح المؤمنة .
بمثل هذه الكلمات التي تخرج من رحم أديب وتولد من قلم مثقف واسع الثقافة ذو حس مرهف يكتب خالد محمد خالد كتابه الرقيق العذب السلس الرائع " رجال حول الرسول " ولا أكاد أمل قراءته وأنا أتنقل بين قصص متلونة بدماء الفداء والتضحية والبطولة ودموع الحب والتبجيل والاحترام وتفيض بمشاعر الإيمان والقدسية .
قصص تأخذ من ملكوت السماء الطهر والكبرياء ومن عمق الإنسان الإيمان والاعتقاد الباطن ومن معلم البشرية أروع ملامح الإنسانية والرقي ولا أعرف سر جاذبية صفحات الكتاب أهي شخوص القصص وأبطالها أم قلم الخالد هذا وأدبه الرفيع .
ما يهم ، هو الحضور الذهني والامتزاج الرهيب والتماثل العجيب الذي تشعر به ويحدث لذهنك وبصرك وأناملك وهي تلاحق حروف الكتاب بانحناءاتها وانعطافاتها وتعيش مشدوهاً بين صفحات كتاب شيق رائع رشيق هو من أنجب أبناء خالد محمد خالد .
يمكن القول أن محمد خالد جعل الفتنة التي عصفت بصحابة رسول الله محوراً للموضوعية والنصفة التي اتسم بها الكتاب وهو يتناول هذه العاصفة المريرة ليقدم قراءة مختلفة لتلك الحقبة التي أفسدت كثيراً من تاريخنا ، ولا تثريب على أصحابها فهم بشر لا أكثر ولكن العتب على مؤرخي الإسلام وكتبة أحداثه ممن جرد صحابة الرسول من بشريتهم وضعفهم ليمعن في تجريدهم من الخطأ أو تلبيسهم الغالي في براثنه مما أحدث انحرافاً في تناولنا لهذه القضية .
ولكن خالد محمد خالد يقرأ هذه الحادثة بهدوء عميق وسلاسة لا تروق لكل كاتب ليخرج من هذه العاصفة وكأن أحداُ لم يخطئ وكأن أحداً لم يصيب ويترك الأمر بيد العدالة الإلهية ، أما نحن ( أبناء اليوم ) فعلينا أن نعيش بسلام وتراحم لبناء يومنا وغدنا بعيداً عن أضغان التاريخ وأحقاد الأمس .
الكتاب له من اسمه نصيب فخالد بن محمد جعله " رجال حول الرسول " وهذا ما ستجده في كل قصة إنسان بل عظيم من عظماء الرجال كيف به يتأثر بالنبي الإنسان والرسول والمربي وهذا ما نفقده اليوم عندما نأخذ من النبي الكريم نصوصه دون روحها وننزع أشكالها دون مضامينها ولو تقفينا آثار الصحابة وهم يأخذون من الرسول محمد أخلاقه ورحمته وطموحه وتفاؤله وتسامحه وصفحه وعظمته وكل معاني الإنسان في رقيه وتحضره وعلمه لأصبحنا في سلام من أمرنا وسعادة في حالنا وهناءة في حياتنا .
شيء آخر تميز به هذا الكتاب وهو كتابته بروح العصر وتحبيره برؤية حديثة تدرك أزماتنا الراهنة وحاجتنا في هذا العصر ليقدم بديلاً عن القراءات القديمة التي لم تعد لها فائدة ، وهذه حاجة أخرى من حاجات العقل العربي والمسلم وهو القراءة العصرية الحديثة لتاريخنا وصفحات ماضينا المضيئة والمظلمة على حد سواء بطريقة موضوعية ومنصفة .
هنا دروس للإنسان كل الإنسان وليس فقط المسلم ليقف على واحدة من أمثلة الرجال الحقيقيين ممن يشلكون صورة نوعية في سير التاريخ الإنساني كله . اقرؤوا الكتاب واستمروا في الصمت العميق .
أتممت قراءته مساء يوم السبت 19 / 5 / 1432 هـ .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق