الخميس، 16 فبراير 2012
النباهة والاستحمار
النباهة والاستحمار
الكتاب صغير وهو عبارة عن محاضرة ألقاها المفكر الإيراني علي شريعتي الذي قضى نحبه شهيداً للكلمة وضحية قولة الحق التي يصدح بها في وجه رموز التخلف والرجعية ، صاحب لغة فكرية عميقة وخطاب ثوري يمتعض من كل أشكال البرود والاستسلام والخضوع حتى لتكاد تخرج به ثوريته من التزماته وانضباطه .
وعندما لم تجد كلماته مسمعاً في آذان المتخلفين والراغبين في التراجع والجمود أرسلوا رصاصة خيانة وأشهروا سيف الظلم الأعمى على روحه الثورية الزاكية ، وإني وجدت في كلماته شيئاً ينتمي لقلمي وفكري وروحي ويعبر عن ما يجول في خاطري وخلدي .
الفكرة الرئيسية التي يناقشها شريعتي هي أهمية " الدراية النفسية " التي بها يعرف المرء نفسه ويجدها في ركام العبثية والأشياء التي تزاحمه في حياته ، يجدها بحيث لا تختطفه رموز التنويم الفكري والثقافي ، ويعرفها حتى لا تكون سهلة لأساطين الاستلاب الحضاري .
الدراية النفسية التي تحمي المرء من الاضطهاد والتماهي التي يضيع معه كل تمايز أو فرق ، حتى لا تنجلي صورة الإنسان إلا في غيره ولا تقوم له قائمة إلا بسواه من أمم ومرجعيات وبشر لا ينتمون له ولا يعترفون بخصوصيته .
ثم أهمية " الدراية الاجتماعية " التي تعني التشارك في الشأن العام والحفاظ على هوية الأمة ، لا تغتر بالدعوات العالية والصيحات الصاخبة ولا الأبواق التي لا تمل ليل نهار وهي تنادي بالتحديث والتطوير والتغيير إنها تدس السم في العسل وتنزع عنها جلدها الأملس الناعم الجاذب وتغترز أشواك الضياع والشتات .
" الاستحمار " الكلمة الغريبة في مطلع كتاب فكري غاية في النفع والعمق ستجدها في ثنايا الكتاب كتعبير شعبي لحالة التنويم والتخدير الثقافي والحضاري التي يعمل عليها الخارجيون رغبة في تجريدك هويتك وتسطيح تفكيرك وتجهيلك إلى درجة ترضى فيها بالتغيير الجذري لمبادئك .
كتاب ماتع بحق وليت شريعتي استزادنا من نتاجه ، عليه من الله أوفى رحمة ومغفرة .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق