الخميس، 16 فبراير 2012

تاريخ الإلحاد في الإسلام


تاريخ الالحاد في الاسلام

عنوان الكتاب غريب بعض الشيء وصاحبه المفكر المصري عبد الرحمن بدوي وهو صاحب يد طولى في الترجمة والاهتمام بنتاج المستشرقين وتخريجاتهم الكثيفة لتاريخ الأمة العربية .
وفي هذا الكتاب يتناول جزءاً من التاريخ الفكري للامة المسلمة وبوادر فكر الالحاد المنحرف عن بوتقة الدين والملة .
في باكر الكتاب تحدث حول الروح العربية وعن أصول ومنشأ الحضارة الاسلامية والعربية واستنارتها بحضارة الاغريق والروم والفرس ولكنه ذهب إلى مذهب المستشرق بكر في أن كل حضارة لها مبدؤها الخاص ومسارها المتفرد ورسمها المباين وليس بالضرورة أن تكون نبت سابقاتها وأن تكون خالية من كل فرادة وتميز .
ابن الراوندي احتل الجزء الأكبر من هذا الكتاب ولأنه لم يحفظ له مؤلفات ثابته وكاملة تبين فكره ومذهبه ومنتهى قوله إلا ما حفظ له من ردود مخالفيه ونقض آرائه خاصة عند الشيرازي الإسماعيلي الذي رصد بعض آراء ابن الراوندي في المجالس المؤيدية نسبة لاسم العالم الشيعي " الشيرازي " .
الفكرة الرئيسية في فكر ابن الرواندي هي نقضه للنبوات وكأنه يقترب من البراهمة كما يشير إلى ذلك أكثر من عالم مسلم تعرض له في مؤلفاته ، كما أنه غلب تحكيم العقل واعتبره المعني بالتحسين والتقبيح وقال أنه من كمال الإيمان بالله أن نحترم هذا العقل كأعظم هبة ربانية ونحتكم إليه في التعرف على ما ينفع ويضر ولذلك بطلت الحاجة إلى الأنبياء .
ولعلنا نعرف الآن لماذا أصبح العقل ومن يهتم لشأنه يحارب العقيدة والنص الديني من قريب أو من بعيد لأنه ارتبط مباشرة بالموجة الأولى من الإلحاد ، وهذا موقف فيه الكثير من التجني ويحتاج إلى الكثير من المراجعة .
ثم ينتقل الحديث بعد قطعة بحثية أكاديمية مقارنة يقوم بها بدوي للتعرف على مصادر أخرى تحفظ إرث ابن الرواندي لكنه لا يكاد يجد إلا الشحيح منه .
ينتقل بنا إلى الرازي وجابر ابن حيان ويستعرض بعض آراءهما التي اتسمت بشيء من التنكر لبعض الثوابت الدينية ولكنها غير ذات تميز عن ما سبقهم به ابن الرواندي .
الإلحاد لا يحمل لوناً واحداً وهو معاداة الدين بشكل مباشر وتقصده بالإنكار والنقض ، بل يحمل صفة فكرية وثقافية وانتصاراً واسعاً للعقل وتعشقاً للمعرفة والعلم مثل انحراف ابن المقفع الذي لا يرقى إلى درجة الإلحاد في ظني .
وكذلك صفة تعصبية لمذهب ديني ما أو فكرة عارضة أو تحبباً وتسويغاً للفساد والانحلال والمجون كما فعل بعض الشعراء الماجنون على حد تعبير المؤلف .
القراءة في تاريخ الالحاد عبر عصور الاسلام شائق ورائق ولن تعدم الاستفادة من معرفة بعض الأسباب والمبررات لنشوء بعض الخلافات السياسية والعقدية التي ما زالت قائمة وسوف يستثيرك حجم الحرية التي كان يتمتع بها المسلم بأي مذهب اتجه وبأي قول قال .
سائلين الله تعالى أن يحفظ علينا ديننا وإيماننا بالله عن قناعة وتصديق يقيني لا يقطعه شك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق