الخميس، 16 فبراير 2012
الدليل العقلي عند السلف
الدليل العقلي عند السلف
الورقية الفكرية الثالثة التي يصدرها مركز التأصيل للدراسات والبحوث تحت هذا العنوان وهذه المرة للكاتب عبد الرحمن بن سعد الشهري حول موضوع غاية في الحساسية ويقوم عليه عدد من الخلافات الفقهية والاعتقادية والفكرية الشهيرة في تاريخ الإسلام وحاضره .
كان العنوان دقيقاً حيث لم يتناول مسألة العقل ككينونة منفردة ومستقلة ولكن عن واحدة من ملحقات هذا الكائن وهو الدليل المستند إليه وموقعه من السلف .
في بداية المؤلف الصغير تحدث عن السلف وتعريفهم وركّز على جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - على اعتبار أنهم صفوة السلف ومبتدؤ هذا الوصف بعد رحيل النبي الكريم - صلوات ربي وسلامه عليه - رغم أن الذهن العصري يتصور السلف على أنهم التابعين الذي عاشوا في الطبقة التالية لعهد الصحابة لأنهم أكثر اشتغالاًبالعلم والتنظيم الفقهي الدقيق أكثر من صحابة رسول الله .
وأراد الكاتب عبر هذه المقدمة أن يؤكد دور الصحابة أو ( السلف ) في القرار الفقهي وتأثيرهم في بناء الفتوى وفهمهم للنصوص لأسباب عدها ذكرت في المقدمة .
ثم درج على تعريف الدليل العقلي وابتدأ بتعريف العقل أولاً كأداة لم يصطلح العلماء والفقهاء والمفكرون والمعينيون بشأنه على تعريف واضح ومستقر له وهذا ما يقلل من فعاليته في بناء الفهم الفقهي للنصوص وتخريج الفتاوى ويضعف من جدواه في التوظيف الفكري في قضايا الأمة .
ثم ولج إلى مضمون الكتاب وهو استعمال السلف للدليل العقلي وانطلق هذا القسم من تعظيم السلف للكتاب والسنة كمصدرين أساسيين في التشريع والاحتكام ثم ذكر أمثلة لاستخدام السلف وجهابذة الفقه الإسلامي للدليل العقلي في جوانب مختلفة للمعتقد والفقه والمناظرات الكلامية وغير ذلك من فنون العلوم الشرعية وأكد أن السلف لم يكن لديهم بأس في استخدام الدليل العقلي بشروطهم الخاصة التي يتصدرها تموقع التشريف والتكريم والتقديم للكتاب والسنة - أبقاهما الله ما بقيت الدنيا - .
ثم تطرق الكاتب في مبحث آخر من هذا الكتاب إلى علاقة العقل والنقل لدى السلف ويفتتح هذا المبحث بالجانب الذي لا يعزب عن تأكيده وتأييده وهو التسليم المطلق لنص الكتاب والسنة وكأنه يريد أن يدلنا على الحساسية الكبيرة لدى المنتسبين للمذهب السلفي من شأن العقل ودلالاته وصلاحياته وأشار بعد ذلك إلى بعض الجوانب التي تظهر تصالح العقل مع النقل وأن مسألة تناقضهما لا تصح إلى في حالات معينة لا تغض من شأن العقل ولا تعطل سلطة النص مثل تضمن الأدلة النقلية للأدلة العقلية .
وهذا المؤلف اللطيف فيه اختصار للحالة التاريخية التي يشهدها الفكر الإسلامي حول صلاحيات النقل والعقل وموقعهما من التأثير والتقرير وفيه مشهد للتراجع الملفت لنظرة السلفيين نحو العقل ودوره في التشريع والتحكيم ولكنها ما زالت نظرة حذرة وآخذة بالاحتياط والريبة وهذا ما يؤخر الاستفادة الحقيقة من ثمرات هذه الأداة الربانية العظيمة والآية الإلهية الفاخرة .
أتممت قراءة الكتاب في ثالث مساءات شهر رمضان المبارك من عام 1432 هـ .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق