الخميس، 16 فبراير 2012

حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية



حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية

أتممت يوم الإثنين 2 / 4 / 1432 هـ قراءة كتاب " حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية " وهو للأديب والناقد المعروف عبد الله بن محمد الغذّامي الشخصية الأكثر جدلاً في الوسط الثقافي السعودي منذ ثلاثين عاماً ، والكتاب يحمل ذات القضية التي جعلت منه مثيراً ومقلقاً - للنسق المحافظ - كما يسميه المؤلف في ثنايا الكتاب .

وظلت الحداثة القضية الأكثر سخونة في الحراك الثقافي المحلي والتي أخذت أكثر الأضواء وجلبت اهتمام جميع المثقفين بانتماءاتهم المختلفة وأفكارهم المتعددة ولعلنا نعيش هذه الأيام قضايا ما بعد الحداثة بالفعل من أفكار متحررة ومناوئة للنسق التقليدي وأصبح الوسط يتناول ما كان خطاً أحمر وحمى محرمة في السابق ولعل ذلك بعض تأثير أطروحات الحداثة في الزمن الفائت ولا أعرف إن كان هذا ما ينوي عليه الغذّامي وجماعته ( منطق النص ) بأن يصل المجتمع إلى هذه الجرأة المحمودة بعض الشيء في طرح
قضاياه وتناول حاجاته وطموحاته .


قرأت الكتاب في جلستين منفصلتين كانت إحداها في أروقة جامعة الملك عبد العزيز بجدة حيث أنتظر حلول موعد محاضرتي التالية في أحد أيام الدراسة والمصادفة الرائعة التي جعلتني أكثر حضوراً وتركيزاً في القراءة أن غالب الأحداث التي جرت للكاتب وقيدها في هذا الكتاب دارت في ذات الجامعة وبين أقسامها التعليمية .

لقد تأثرت بالأسلوب الحكواتي الذي سرد فيه الغذامي قصة الحداثة وهذا المنتج الذي سوق له ( وشلته ) المثقفة في بلادنا وتأثرت بالتفاصيل كثيراً حتى أنني خبأت الكتاب مرات كثيرة حتى لا تسقط عينا أحد على عنوانه فينهال عليّ لوماً وعتاباً سيما من أصحاب اللحى " الطويلة " والثياب " القصيرة " التي هاجمت الغذامي طوال مسيرة الحداثة في السعودية .


لقد شعرت بالعذابات والمساءات التي تعرض لها هذا الرجل وبغض النظر عن صواب الفكرة ونفعيتها إلا أنني قدّرت له إيمانه العميق بما جاء به وقتاله في الانتصار لفكرته واستبساله في تحمل كل هذه المشاق والمصاعب وإن كنت شعرت في نهاية الكتاب أن قضية الحداثة وحال الحداثيين ليس بالأفضل الآن وكأن الغذامي بقي وحيداً في مسرح الحداثة كما تصورت من كلماته المتثاقلة في ذيل الكتاب وكأن وجع الأيام الأولى قد أثّر فيه الآن وتركه ضعيفاً هزيلاً ولم يعد بحماسه القديم ولم تعد الفكرة أصلاً محل اهتمام وعناية المجتمع .

ولكن يبقى أنه استطاع في هذا الكتاب أن يؤرخ لمرحلة هامة في تاريخنا السعودي ستحفظ له الأجيال هذا الفضل وستحتاج إلى كتابه الثمين في الكشف عن الجانب الثقافي من تاريخ مجتمعنا الذي مر بمراحل انتقالية نوعية سيما " عهد الطفرة " الذي تناوله الكاتب بشكل عميق وجذّاب ومؤثر جعلني أعيش هذه المرحلة وكأنني ابن ذلك الزمن .

ورغم الموضوعية التي يتقنها الغذامي طبعاً أو تصنعاً إلا أنه ظهر حانقاً على المليباري في بعض مقاطع الحديث سيما وقد كان الأكثر نزاعاً معه في قضية الحداثة حتى وإن كان المحرض للأذى التي تعرض له الغذامي لكن كان عليه أن لا يتحامل إلى درجة كاد يفقد معها مصداقية قلمه الرائع والمبدع بخلاف محاولة التهميش التي أظن أنها مقصودة للشيخ عائض القرني صاحب كتاب الحداثة في ميزان الإسلام والدكتور سعيد بن ناصر الغامدي صاحب الشريط المناوئ لأفكار الغذامي وربما كان حجم المليباري لا يقارب هذين الاسمين - ولو في ذلك الوقت على الأقل - فحاول الغذامي أن يجعل مساحة الحديث عن كل واحد حسب حجمه من الحراك وثقله في الوسط .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق