الخميس، 16 فبراير 2012
الأيام
الأيام
بحق .. إن الذي لا يقرأ لعميد الأدب العربي طه حسين فهو لن يعرف سبيلاً إلى رشاقة القلم وخفة العبارة ولن تجد دليلاً على قدرة طه الكتابية مثل مذكراته الماتعة التي دونها في الأيام .
لقاءنا الأول بهذه الصفحات لا ينسى في ذاكرة المسيرة المعرفية فلها متعة لا تعادلها متع الدنيا الطينية ولها رونق وألق يستدعيك لتكرارها ما وجدت لذلك فسحة ومتسعا .
يعتصرك الألم والخوف والحزن والفرح والاستبشار واليأس والأمل والبأس والشدة والرخاء والعافية وكل معاني الإنسان التي لا تجد لها مصطلحاً أو تعبيراً يدل عليها ولكنك تشعر بها وتعيشها حيناً منقطعاً وحيناً متصلاً مختلطا .
وتعجب إذ تعجب كيف بالكتابة وهي تختزل تاريخ إنسان أترعت حياته بالنجاحات كما ضجت بالمآسي ثم يبسطها في الكتاب وكأنه يحبس مشاعرها الموارة وأحاسيسها الفوارة في قفص الكلمات فأنت تتصفح هذه الصور كزائر متخفف إلى حديقة مليئة بالعجائب والغرائب .
ستقف على صورة ماتعة من الحياة المصرية الريفية البسيطة حيث كانت نشأة هذا الأديب الكبير ثم انتقاله إلى الأزهر الشريف في عاصمة الدنيا " القاهرة " يجول بك بين أزقتها وحاراتها ودكاكينها وحوانيتها وأركانها ، ولوقع الحرف الذي يختاره وينتقيه كأنك تسمع صوت ضجيجها وتشم رائحة شوائها وتذوق لذعة حلوياتها .
ولأنه كفيف كان لهذه الإعاقة سطوتها وحظها من حياته ومن كتابه ، وقد أجلسني بفضل قدرته التعبيرية الفائقة معه في غرفة السطح وعلى ذات الحصير الخشن الذي يفترشه أشاطره الهواجس والمخاوف ذاتها حتى أسمع حسيس مقدم أخيه عليه في العشاء الآخرة .
في فرنسا .. حيث انتقل لاستكمال دراسته العليا وبعض من كفاحه العلمي والكتاتيب وصديقه وابن خالته ومرافقه ومعلموه وشيوخه وووالده وأخواته والشيخ الفتى وأسماء كانت عاملاً مضافاً إلى متعة الكتاب .
أرجوك يا قارئي لا تفوت فرصة قراءة هذا الكتاب والسلام .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق