الخميس، 16 فبراير 2012
العقل العربي
العقل العربي
كتاب رائع لكاتب إنجليزي اسمه رافائيل باتاي ترجمه الأستاذ علي الحارس وقد قرأته في نسخته الإلكترونية وتحدث عن مجموع المعتقدات والمكونات التي تصوغ السلوك العربي وتتحكم في تصور الرجل العربي للحياة والأحداث وتعامله معها وهذا فيما يسميه بالعقل الجمعي بتحليل للمفهومين اللذين عنون بهما كتابه العقل والعرب .
ونحن في حاجة ماسة إلى أن يكتب عنا الآخرون ونقرأ لهم رأيهم في ثقافتنا وعقليتنا بعيداً عن التهم التي يوردها بعض الكتاب عن دورهم المستعربين والمستشرقين المخابراتي والعسكري والبحث عن ثغرات بلادنا لتغذية مخططات سياسييهم فنحن في إطار علمي وأدبي ميداننا الفكرة وساحة لقائنا الكلمة ولا يحق أن نعطيها ظهورنا قبل أسماعنا وأذهاننا .
وفيما أعتقد أن واحد من أكبر الأسباب وراء شقاء الإنسانية والاحتراب القائم بين أطرافها هي علة الغموض الذي يخيم على بعضنا فإن التفاهم يقود إلى التسالم وليس من شيء يعين على التواصل وإشاعة التعاون مثل التعارف وهذا ما قصد إليه نص القرآن من تعدد الشعوب والقبائل بغرض التعارف والتفاهم .
ثم تحدث عن اللغة العربية وتأثيرها في العقل العربي وأكد بالمقارنة مع لغته الإنجليزية أن العربية لغة عاطفية ومشبعة بالحماس والمشاعر أكثر منها علمية وقاطعة وأنها تملك أدوات مثل التكرار والتأكيد والإيهام التي لا تجعل منها لغة مناسبة للعصر العلمي الحاضر .
وفيما أظن أن هذا ليس عيباً في العربية نفسها الذي اختارها الله لتكون لغة أعظم كتبه وآخرها ولكن العيب في أهلها لأن اللغة مرآة أهلها وإذا لم تدمج في الحراك الثقافي والصناعي والعلمي الحادث في البشرية فإنها ستتراجع كل وهلة عن تتناسب مع هذا العالم المتحدث كل ثانية .
ثم مال بالحديث إلى المكون البدوي في الثقافة والعقلية العربية وقد أتحفظ على بعض ما ذهب إليه من انتقادات وإضاءات حول بعض القيم البدوية وصوابها ولكنه استطاع أن يكشف بعض الخبايا والخفايا التي تدير عقولنا وتصوغ سلوكاتنا وحساسيتنا من بعض الجوانب والأشياء .
سيما فيما يخص المرأة والنظرة التي عانتها في ظل مجتمع ذكوري وأبوي وقد استخدم أدواته العلمية والبحثية إلا أنه أغفل الخصوصية التي تمحنها الثقافة الشعبية الأصلية والمكون الديني الإسلامي خاصة عندما يقارن مع مجتمعه الغربي الذي يختلف جذرياً معنا كعرب ومسلمين وليس بالضرورة أن يكون المستوى التي بلغته الحضارة الغربية في مجال المرأة والإنسانيات هو مبلغ ما نتمناه في رؤيتنا الخاصة .
ولم يغفل الحديث عن المكون الإسلامي في العقل العربي وهو من أساسات التكوين والنقاط المحورية والمرتكزات النوعية في تشكيل العقل العربي لكنه أشار إلى الانحرافات الدينية على اعتبار أنها مقبولة في أصل الدين وبنائه وهي لاتتجاوز أن تكون أخطاء مذاهب وفرق قد لا يقف الإسلام في صفها ولا يؤيد توجهها ولكن العصبية لا تأخذنا إلى إغفال بعض الأخطاء التي تواطئ عليها المسلمون وهي ليس من صميم الدين ولا من هديه .
بشكل عام كان رافائيل باتاي منطقياً في كتاباته واستنتاجاته ولكنه تحيز إلى جانب الفكرة الغربية وأصرّ على العقل العربي سيختار الطريقة الغربية في التعامل مع بعض الجوانب الإنسانية مثل الأمور الجنسية وأسلوب العلاقة بين الجنسين والتصريف اللامشروع للطاقة الجنسية وقال بأن العرب لا شك خاضع وماثل للطرق الغربية المفتوحة والحرّة .
أتممت قراءة هذا الكتاب بتاريخ الأحد 3 / 7 / 1432 راجياً من الله المزيد من التوفيق ولكم كذلك .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق