السبت، 25 فبراير 2012

الإسلام ما هو ؟



مصطفى محمود ، كاتب الإيمان واليقين ، ليس رجلاً عادياً على الإطلاق ، فهو يكتب بقلم الأديب وبعقيدة المؤمن وبعقلية العالم ، ولذلك ستقضي مع كتبه الذائعة الرائعة وقتاً مؤنساً ممتعاً لذيذاً وهي مزيج من الأدب والإيمان والعلم ، وبالتالي أنت تجلس مع جماع الدنيا والآخرة .
هذه المرة مع كتاب الإسلام ما هو ؟ يستعرض فيه الأركان العبادية الخمس التي يقوم عليها بناء الإسلام المتين ، ولكن بطريقة وكأنك لم تتعرفها من قبل .
الصلاة كما تنبغي من الرجل التقي الغني ، والزكاة من محتمع التكافل والتعاون ، والحج مو أمة الترابط والقلب والجسد الواحد ، والصوم من الفقير إلى عفو ربه ومغفرة بارئه ، وشهادة الألوهية لربك والنبوية لمحمد كمفتاح لحياة ثرية وغنية .
ثم دواليك من المعاني المتعلقة بملكوت السماء أو سقف الدنيا وقلب الإنسان ، طريقة تعاش بها الحياة كما يريد الله وينبغي لهذا الإنسان العزيز الكريم من الله عز وجل ومن الكون المسخر لطواعيته وأمره .
" الحب " الذي يحب أن ينصرف لله أولاً ثم ينبث في الأرض رباطاً وثيقاً للأحياء بينهم البين ، و" الشريعة " التي يحب أن تجري في الأفراد قبل الجماعات وفي صفحات الوجوه والنفوس قبل صفحات القوانين والتشريعات ، و" التصوف " تلذي ينفرد به خلص العباد وكمل الزهاد وقوم اصطفاهم الله لعبادته واختارهم المولى لوفادته ، ثم " الملك والملكوت .. وأنا " ؟! وموقعك كمجرة بحجم ذرة وملك في حجم إنسان تحكم هذا الكون وتجعله طوع يديك ورهن أصغريك في خدمة الله ونفع الإنسان .
يا سلام .. لا تكتفي بجاذبية هذه العناوين البراقة وانغمس في قراءة هذا الكتاب الماتع الرائع ، وإنك غير نادم على ألم الظهر المنحني لتتبع كلماته المشعة " بالأدب والعلم والإيمان " .

المنهج الإصلاحي للإمام محمد عبده




ليس غريباً أن يقترن مصطلح " الإصلاح " بالإمام والعالم المصري الفقيه محمد عبده ، فهو رجل الإصلاح الرائد في مصر المستنيرة وفي مطلع العهد البهيج للاعتدال والتنمية والتقدم في البلاد العربية قبل أن تستطير بها عقائد التخلف والفوضى والعنف .
وخير من يعرف محمد عبده وفكره هو المحقق المصري محمد عمارة الذي بذل عمراً طويلاً في تخريج آثار كبار الإصلاحيين في تاريخنا الحديث ومن بينهم هذا الإمام الناضج والمفكر الداهية .
حاول عمارة أن يستجمع من شتات الآثار المتناثرة للإمام عبده أن يضع الخطوط العريضة للفكر الإصلاحي لمحمد عبده .
- الوسطية : وهل نحن إلا أمة الوسط ؟ وهي أنجع الطرق وأسلمها في التفكير والتعايش .
- في نظرية المعرفة : لا تهور ينفي حضوراً للوحي والنص الديني الذي يكفينا شر كبرياء العقل ، ولا غمط لحق الإنسان في التصرف أو دور العقل في المشاركة الوضعية ، معرفة شمولية شمول هذا الدين ، ووسطية توسط هذه الشريعة بين كل طرفين ، ومستنيرة بنور الله في السماوات والأرض والدنيا والآخرة والروح والجسد .
- مقام العقل وحدوده : وكيف يمكن لأمة أن تنهض وهي تلقي بهدية الله العظمى عرض الحائط ؟ كيف لها التقدم وهي تعطل أهم أسرار الإنسان وأعظم أسبابه إلى معرفة الله واكتشاف الكون وبناء الإنسان وعمارة الأرض ؟
- علم السنن والقوانين الاجتماعية : وهذا ما بصح تسميته بعلم الدنيا ، وليس في هذا أدنى امتهان أو انتقاص ، فنحن مأمورون بعمارة الدنيا تماماً كالأمر بعبادة الله والاستعداد للآخرة ، وتقصيرنا في العناية بالدنيا لا يقل ذنباً عن الاهتمام بالتعبد لله عز وجل .
- عن الدين والدولة : يجب أن يعرف لكل طرف دوره ومسؤوليته ، جزء من إشكالات عالمنا العربي والإسلامي هي التشابك الفوضوي والتداخل المعقد بين جسم الدولة وروح الدين ، حتى ما عاد الناس يعرفون لذلك حلاً أو يدرون بطريق .
- الأسرة والمرأة : هذا حيز الفكرة الأخلاقية والاجتماعية من تفكير الإمام ، إذ قوام الشعوب الناضجة الصالحة أسرة متماسكة ورباط وثيق .
هكذا يبدو ذكاء عمارة في تحديد الفكر الإصلاحي للإمام ، أو رأيه في القضايا التي يرى عمارة أنها قوام الحضارة والإصلاح وأكثر ما تحتاج إليه الأمة المسلمة في مواجهة التخلف والوهن الذي تعانيه .
إننا في حاجة ماسة إلى ضخ هذا الفكر الواثق في دينه وصلاح شريعته والمستنير في تفكيره وتحليله غير ملتفت إلى الحماس المتعنف أو القتامة النفسية التي إما أودت بنا إلى حفر اليأس أو استطارت فينا مرض الغضب والتعنيف .

لماذا نقرأ




هذا السؤال الهام عندما يتصدر كتاباً يكفي لإثارة الرغبة في اقتنائه ، سيما عند من يبحث عن إجابة هذا الاستفهام العميق ، يمارس القراءة بجد واجتهاد ونهم وحرص ولكنه لا يمتلك تفسيراً لهذا الغرام ولا حتى تعبيراً لهذا الشعور .
مجموعة من المؤلفين المصريين والأدباء العظام اجتمعوا للإجابة عن هذا السؤال الهام ، يحاولون في كل باب ويدلفون كل طريق للتفسير والتحليل والتكفكيك والتعبير ، علهم ينالون ثمرة البحث ونتيجة اللهث .
عباس العقاد وطه حسين عميدا الأدب العربي ورائدا الكتابة الراقية يبحثان بلغتهما الرشيقة وسليقتهما العريقة وعمقهما القوي عن إجابة صادقة شافية كافية لهذا السؤال الكبير .
بعض ممن كتب في هذا المؤلف الرائع استخدم قدراته الرياضية واستلهم مهاراته الحسابية ليقرب الفهم الى الاذهان ويجلو المعاني للابصار ، وما زال السؤال قائماً والاستفهام ماثلاً يجوب الارض بكبرياء واستعظام .
وتبقى القراءة سراً دفيناً ، نشعر بحلاوته ولا نعرف تركيبته ، ندرك لذته ولا نملك الإجابة عنه ، والمحروم من هذا الرواء سيقتله عطش الجهل ويحرق كبده غيظ السؤال البهيم .
في هذا الكتاب بعض التحريك لممارسة هذا الفعل الحضاري الراقي .

الخميس، 16 فبراير 2012

هذا الدين


هذا الدين

سيد قطب .. لا أشك أنكم لا تعرفونه ! ولو أنه عاش طويلاً وخاض هذه الأحداث الجسام لخط لنا مؤلفات بارعة وصاغ أدباً فارعاً بديعاً ولكن نقمة السياسة لحقته وفتكت به .
شهرته السياسية لم تغلب على ثروته الأدبية ، والغريب أن بعض مفاصل فكره الراديكالي المتشدد لم يعطل لديه نزعة العقلانية والتحليل الموضوعي المعمق .
أكثر ما لفت نظري في هذا المؤلف الصغير للمفكر المصري الشهير قطب هو فكرة " الجهد البشري - والظروف الواقعية " كشروط كونية لتحقيق ثمرات المنهج الرباني أو الانتفاع به .
إذ لا يكفي أن نكون فقط مسلمين فتكون لنا الغلبة والقوة وصدارة العالم إذ لا يكون هذا إلا عبر عمل واقعي لا يتجاوز الشروط الطبيعية لإقامة أي منهج ما ، وتبقى النتائج مرتهنة بالطاقة البشرية الممكنة وهذا لا ينفي الحاجة لتوفيق الله ورعايته .
لا أعرف بالتحديد هل كانت هذه الأفكار التي ظمنها قطب كتابه هذا سابقة للغته الراديكالية التي عرف عنها أم أنها متزامنة أو تالية ، لا أعرف ؟! المهم أنه كان غاية في الترفق والموضوعية والعقلانية في التأسيس للسبيل إلى تحقيق المنهج الإسلامي الرباني الذي يناط به خير البشرية ونعيمها .
تعرض سيد في بقية فصول الكتاب إلى مزايا المنهج الرباني وضرورة استلهام التجربة النبوية والخلافة الرائدة ، ويؤكد أن هذا النموذج التطبيقي المثالي كان سباقاً إلى الكثير من الأنظمة والقوانين التي نظمت حياة البشرية وساعدت على ترغيد الحياة .
لقد كان الإسلام نفخة في روح الإنسانية وفتح آفاقها باتجاه المساواة والعدالة والحرية ، ولا ينكر مثل هذا سوى المكابرين والمتنطعين ، سيد قطب في مثل هذا الكتاب يعرض لك هذه الفكرة في أحسن عبارة وأجمل معنى .

معركة التقاليد





معركة التقاليد

ليست المرة الأولى التي أقرأ فيها للمؤلف المصري محمد قطب عالم النفس والإنسان كما يسميه البعض ، اطلاعه ثر وواسع ودرايته بالتصور الإسلامي كبير ويكاد يجيد الحديث في كل فن إنساني واجتماعي سيما في موقف الإسلام منه ورأي الدين فيه .
ليس في لغته سوى البساطة والمباشرة وتكسبه المعرفة الواسعة قدرة على ربط الأفكار وتشعبها ورصد جوانب الموضوع الذي يتناوله ، وهذه المرة عن معركة التقاليد وماذا يلزمنا حيال تحديث تفكيرنا الفلسفي والاجتماعي والأخلاقي للنهوض مجدداً بالأمة .
 في البداية تحدث قطب عن تطور التفكير الثقافي والفلسفي للأمة الغربية منذ عصور الظلام الوسطى حتى عهد النهضة ، وكيف هو الطريق الذي أخذته الأفكار المتسلسلة حتى اتفق السلوك والطبع الغربي على هذا الحال من الحرية الفضفاضة التي تكاد تتحول إلى أزمة .
يصر قطب على أن المبادئ التي تقف عليها الحضارة الغربية غير سليمة ومنطلقاتها تعاني إشكالاً أخلاقياً وعلمياً فاضحاً انتهى بها إلى نتائج فجة ومشينة للنوع الإنساني .
وبعد محاولات بعض أدعياء الحرية العرب لتطبيق هذا النموذج الغربي المثقوب في عالمنا ، تقف هذه الحقيقة الصارخة ( تسلسل الأفكار الغربية من الحيوانية - الداروينية - والمادية واللاأخلاقية - الفروية - ) لتشكل حيرة واضطراباً واستفهاماً واسعاً حول مدى أثر مثل هذا التفكير المسف .
بعد ذلك طار القلم بقطب لتجريد دعاوى الحرية التي ينادي بها البعض وأنها غير منطقية ولا أخلاقية سيما إذا تشبهت بهذه الأسس الفكرية الغربية التي تجردت من الدين واستبعدت القصد الإلهي من وراء خلق الإنسان .

فرسان بلا معركة



فرسان بلا معركة

المؤلف الثاني الري أقرأه للأديب الليبي الصادق النيهوم ، الذي يملك قدرة تعبيرية فائقة ومجموعة أفكار إصلاحية لا تخلو من تجاوز وطغيان ، كما أن له رأيه الناقد والناقم على أسلوب المجتمع العربي في التفكير والعيش .
تعتبر قضية المرأة في عالمنا العربي أساسية في طرح النيهوم ، وهو لم يفوت التأكيد على العيوب التي لحقت التفكير والحالة الاجتماعية العربية فيما يخص المرأة .
بدأ الكاتب بقصة عن حيوان الشانمبازي كنوع متفرد من القرود وأراد أن يصور الطريقة التي استطاع الرجل من خلالها أن يرض سيطرته وإرادته على نوع الحياة وشكلها والظلم الذي أوقعه على المرأة وقد جعلها ضمن ممتلكاته وخاصة مقتنياته .
يبدو أن النيهوم صاحب الأفكار الغريبة والشاذة تأثر كثيراً بالعقلية الغربية التي اشتغلت دهراً طويلاً انطلاقاً من فكرة التطور الداروينية التي تربط الإنسان بأصله الحيواني ولذلك تجده يسقط دلالات المعيشة الحيوانية على المجتمع الإنساني - ولا يخفى خطأ هذا التصرف اللاعلمي - .
الكتاب يحوي بعضاً من أفكار الكاتب الإصلاحية للمجتمع العربي .

رحلة إلى جمهورية النظرية


رحلة إلى جمهورية النظرية

عودة ميمونة إلى الناقد السعودي عبد الله بن محمد العذامي وحقيق لنا أن نفخر بهذا القامة الثقافية الكبيرة ، وحديثه هذه المرة طرياً عذباً ليس بعمق مؤلفات النقد ولغات السائد والبائد والشارد والوارد ولكنه ليس خلواً من الفائدة العظيمة والتفكير العميق وهو يتحدث عن أمريكا قبلة الحداثة ووجهة الديمقراطية ومبعث النظام العالمي الجديد .
هذا النظام الجديد كثيراً ما ستطالعه في هذا الكتاب وسترى مدى المصداقية والتزييف التي يتركب منهما ، ستكتشف غرب الغرب وكأنك من سكانها سيجول بك الغذامي العجيب بين النظرية والموقف والحادثة والتفسير والخطاب والأثر والتغيير .
ستلتهم ورقات هذا الكتاب بصورة لذيذة وماتعة بينما تكتشف حقائق هذه الظاهرة الأمريكية وتفاصيل صغيرة تشكل معالم قاطعة في إدارة هذا الكون سياسياً وثقافياً وإعلامياً .
الغذامي النابه لن تسرقه أضواء الحضارة ولن تسحره طلاسم التقدم الأمريكي وسيمارس مهنته النقدية الشريفة وسبعري الاستهلاك الخطابي الإعلامي الأمريكي ولعبته الكلامية وسيسبرغور الطباع المجتمعية الأمريكية لتعرفها من قرب وعن ظهر قلب .

الحب والفناء


الحب والفناء


تجربة قراءة أولى للمفكر العلماني اللبناني علي حرب ، وقد دفعني لاقتناء بعض كتبه رسالة مدح في حق هذا الكاتب مررت عليها يوماً وتحمست أكثر عند قراءة عنوان هذا الكتاب الأخاذ ، إذ نحن العرب سرعان ماتغشانا الرغبة في تكشف حقيقة الحب ومعرفة سر الفناء كأسئلة أبدية تحرك فينا جوعة المعرفة ولذة الاستطلاع وتعشق الاستبيان .
وفي لقاء مع تركي الدخيل افتخر علي حرب أن وظيفته تخريج المعاني وخلق رؤى ونظريات فكرية وفلسفية تساعد على صناعة حياة أفضل وبناء إنسان أجدر بالعيش كما يريد الله وينبغي له ككائن مفضل على وجه هذه الأرض .
الكتاب من جزأين أولهما عن الحب ثم عن المرأة ولقد فسر الكاتب سر الترابط بينهما ، أما في حِمى الحب فقط أبدع حرب في تنشيط مكامنه في داخلي وهو يتحدث بلغة قريبة من النفس تتسم بالعمق والمنطق ، حديث من يعرف أسراره وأغواره وأنواره .
تحدث حرب بقوة عميقة عن ثنائية الإنسان السرمدية ( الرجل - المرأة ) وحقيق بعباراته الفذة وأفكاره النيرة أن يدرسها ويقرأها ويعلمها كل إنسان ينوي أن يتصل بعالمه الثاني ويخوض غمار تجربة إنسية راقية مع تكوينه الباقي .
ثم طرح رأيه في تعدد الزوجات ولعمري أنه أفاد وأجاد واستثمر قدرات الإقناع والتحليل والتفسير في تقديم هذا التشريع الرباني الإسلامي في أحسن صورة ، حتى ليكاد يفوق وصف الفقهاء وشرح العلماء وإقناع العارفين وإفحام الجاهلين .
ومرة أخرى يستعرض تجربة رابعة العدوية في الحب والعشق الإلهي ، ثم تطرق لتجربة الحب عند العرب سيما عن طريق الشعر ديوان العرب وذلك في عدد من الأيقونات التي يتعرف من خلالها التركيبة الذهنية والفكرية والشعورية التي تدخلت في بناء تصور العرب حول الحب كمطلب إنساني مثالي .
علي حرب لا يكتب بقلم فج ساذج ، ولكنه بعمق وحياد ومنطق رغم البساطة البادية والسهولة العالية ولكن التوافق يتدخل ليحدث الإقناع والموافقة .
ورغم أن قلمه المسترسل في ثورية نصية واضحة يتجاوز الشرح حتى يبلغ درجة مخيفة على عقيدة الإنسان ولكن عندما تطالع ما وراء النص قد يعاودك الشعور بالطمأنينة والارتياح أنه إنما ينبت فيك أفكار تصالحية مع الدين والنفس والكون ويعلمك جيداً كيف تحب وتفنى في حقيقتك .

حول التدين والتطرف


حول التدين والتطرف


الكتاب مجموعة مقالات قصيرة للأديب المصري نجيب محفوظ الذي نعرفه في رواياته وقصصه ومقطوعاته الحكواتية ولكننا لم نشهد شيئا ذا شهرة وصدى فيما يخص مقالاته ، ولا شك أن القلم الذي يكتب المقالة غير الذي يسطر قصة رواياته إنه يصبح أكثر اتزاناً وموضوعية وتحرياً للصدق والتجرد وهو يعبر بواقعية عن شخصية الكاتب وآراءه الرسمية ولا يتطلب المقال أن يتمثل شخوصاً منوعة ونفسيات مختلفة وتركيبات ذهنية وفكرية وعقلية متبدلة كما يتطلب ذلك كتابة القصة والرواية .
ولأننا حاكمنا نجيب محفوظ صاحب جائزة نوبل إلى رواياته التي يكتبها في ظروف مختلفة حسب شخوصها وأبطالها وأحداثها واللحظة الذهنية التي يكتب فيها ، تشوهت صورة الأديب البارع وانكمش انتشار قلمه الناضح بالمعرفة والبصيرة وبقيت تجاوزاته وتجنياته وحدها شاهدة على أدبه وكافية لإقصاء ورقاته الصفراء .
هنا حديث متقطع الصلة والنفس لمحفوظ ولكنه يتوارد حول تصحيح دور رجال الدين ومواجهة خطر الإرهاب ، ويظهر أن المقالات كتبت في لحظة كان الإرهاب حينها يضرب بأطنابه في أرض الكنانة العريقة .
ليس في المقالات جديد سوى التأكيد على ثوابت الأمة والقومية والاتحاد ومكافحة داء الإرهاب وترقية دور المصلحين والدعاة ورجال الدين والاجتماع والسياسية واستغلال لحظة تاريخية لتحديث البلاد وبعث التنمية وترغيد الحياة ، كما أنه يبين عن كثب قلم هذا الأديب رغم أنه يكتب مقالة صحفية بلغة بسيطة ومباشرة وسلسة ويستوضح بعض آماله وآلامه .

في بيتي


في بيتي


ولعي بالفيلسوف المصري المعاصر عباس محمود العقاد ليس جديداً ، قصته مع القراءة والكتابة مظهر من عظمة الإنسان المكافح والمناضل من أجل النجاح والإنجاز وتخليد اسمه فذاً لامعاً حقيقاً بالذكر والشكر والفخر .
هذه المرة يحدثنا العقاد عن أركان بيته العامر بالثقافة والزاخر بالمعرفة والممتلئ علماً والمترع ألقاً وحرفاً وشعراً وعباقرة ، يقلب صديقه ناظريه في أرجاء مكتبته أو بيته لا تكاد تفرق بينهم فإن العقاد يرى المكتبة بيته الأول والجدير به أو هو قضى كل حياته ومجمل عمره في زواياها العامرة بكتب الأدب والفلسفة والسياسة والتاريخ والدين والحيوانات وطبائع الحشرات .
إنك إذ تقرأ هذا الكتاب الصغير ستقف على التكوين الرئيسي لشخص هذا العبقري ( فكره - عقله - لسانه - قلمه - معلوماته - ذائقته ) وكل الأشياء التي تكتسب ولا توهب ، تنال بالكد والتعب ولا تأتي ضمن هدايا السماء المجانية أو عطايا الأرض المتواضعة .
يدخل حيناً في وصف تاريخية الأشياء التي اقتناها وعلقها على جدران منزله يستلهم منها الوطنية والحرية والفن والإبداع وخلق النجاح ، وحيناً آخر يدخل في نقاشات مشبعة بالعمق والمنطق والصدق ، فرجل مثل العقاد لا يشتغل بوصف ممتلكاته مفرغة من حقائقها ولا يرى الأشياء نظرة سطحي ساذج ولكنه يغمر أعماقها ويبحر في أغوارها ويستنفد مكنوناتها .
العقاد مغرور ، وليس كل غرور هو شائن مرذول ، فإن في بعضه عزة وأنفاً وسلماً إلى النجاح والتفوق والنبوغ ، شيء من هذا سيغمرك وأنت تقرأ لقلم العقاد وهو ممتلئ بالثقة بينما يشق حرفه الرصين حجب الجهل والتعامي إلى فضاءات المعرفة والبصيرة راسخاً هماماً لا يلوي على شيء سوى أن يستقر في رهنك المتفتح ويملرس فيك دور المنبه إلى معالي الأمور .
العقاد ، كاتب حقيق بك أن تصرف له كل وقتك ليس بعضه !

حديث الأربعاء ١



حديث الأربعاء ١


مجموعة مقالات للأديب المصري الشهير رجل التنوير الأول في العصر الحديث طه حسين ، استكتبته صحيفة مصرية أجرى فيها مقالاته أسبوعياً وجمعته بصاحبه الذي يدخل معه كل يوم في شأن جديد حول الشعر والشعراء الجاهليين والغزلين يجلس به ساعة مع كل شاعر وأحياناً تطول به الحلسة لساعات حيناً يحدثه عن مو يحب ويشغل بهم وحيناً يطع لصاحبه زمام الكلمة يحطثه عن ضيقه باللغة الشعرية الجاهلية الثقلية ولكنها ما يفتئ يثير لدى صاحبنا طه حسين الرغبة في استيضاح مكامن الجمال والروعة والإبداع والجدة والبراعة في أحد نصوص كل شاعر جاهلي .

إنك تجد قصص وأشعار وشروح شعراء الجاهلية في كل مكان وتحت كل غلاف ولكن لن تجري معها كما تجري مع قلم طه المتخفف المسترسل العذب اليسير وهو يعلمك إلى جانب قيمته العلمية السيولة الكتابية وليونة العبارة العميقة وقوة الكلمة الرقيقة ومتانة الجملة الرصينة .

المرأة في القرآن



المرأة في القرآن


يبدو أن الشيخ محمد متولي الشعرواي - رحمه الله تعالى - يملك قبساً من العلم اللدني وهو دون الوحي وفوق العلم الطبيعي الذي تناله بالتجربة والتلقي ، إذ يبلغ بك الصفاء الروحي والإشراق النفسي درجة من التجلي تتكشف لك فيها مصابيح العلم وتفيض عليك غزارات المعرفة من لدن الله تعالى .
يتسرب إليك شيء من هذا الشعور وأنت ترى مقدار النباهة والحصافة والفطنة والذكاء التي يتحلى بها هذا الشيخ في أفكاره وربطه للقضايا الحياتية البسيطة والمعقدة بنصوص الكتاب الكريم ، ثم تنساب هذه الحقائق العظيمة سهلة مترفقة عذبة على لسانه وتجري بدون تكلف أو تقعر إلى آذان المستمعين وقلوب المتحلقين في صيوان علمه وميدان عرفانه .
وفي هذا الكتاب تناول قضايا المرأة المسلمة كواحدة من أكثر القضايا حساسية ودقة ، إذ أصبح الموقف من المرأة واحداً من الأركان التي يقف عليها قوام الأمة ومدى تحضرها وتمدنها واستقامتها على نحو يرضي الله ويخدم الإنسان ويعمر الدنيا ، ولا غرابة فإن المرأة نصف المجتمع وهي التي تنجب النصف الآخر وبذلك تصبح المجتمع كله لا نصفه ولا بضعه .
والأمة المسلمة كواحدة من المجموعات البشرية الضخمة التي تنطوي تحت تصور الإسلام للكون والإنسان والله لها خصوصيتها وتفردها وتمايزها أو تميزها في الموقف من المرأة ، وهنا يتبنى الشعراوي مواقف غاية في الموضوعية والعدالة والإنصاف لتوضيح صورة المرأة في الإسلام ككائن حضاري يتشارك مع آدم في الهم والتنمية والمسؤولية وتعيش مصونة في حقوقها كريمة في جانبها فاعلة في مجتمعها دون كنة أو فضل من أحد ولكن لى نحو يحترم آدميتها وأنوثتها ووظيفتها الأصيلة .
الميراث والتعدد والعدالة والقوامة وحالها قبل الإسلام والشهادة الناقصة والعقل والدين غير المستوفيان لدى المرأة ، والكثير من القضايا الهامة والعامة التي سنشعر فيها بظلم المرأة وانتقاصها إذا اعتمدنا الصورة الأولية للحكم عليها دون التعمق في تفاصيلها وأحكامها ومقاصدها لتعرف مدى الرحمة المهداة من الله تعالى لهذه البشرية ذكرها وأنثاها .
كتاب سيجبرك على إتمامه في جلسة واحدة وهو تجربتي الأولى مع مؤلفات شيخنا الكبير محمد متولي الشعراوي - رحمه الله تعالى - أجبرني على اقتنائه أنه حديث المرأة وبقلم من يعرف القرآن نصه وحكمه وفهمه ومآله ، رزقنا الله وإياكم علم اليقين الذي امتاز به هذا العبقري المصري .

النباهة والاستحمار



النباهة والاستحمار


الكتاب صغير وهو عبارة عن محاضرة ألقاها المفكر الإيراني علي شريعتي الذي قضى نحبه شهيداً للكلمة وضحية قولة الحق التي يصدح بها في وجه رموز التخلف والرجعية ، صاحب لغة فكرية عميقة وخطاب ثوري يمتعض من كل أشكال البرود والاستسلام والخضوع حتى لتكاد تخرج به ثوريته من التزماته وانضباطه .
وعندما لم تجد كلماته مسمعاً في آذان المتخلفين والراغبين في التراجع والجمود أرسلوا رصاصة خيانة وأشهروا سيف الظلم الأعمى على روحه الثورية الزاكية ، وإني وجدت في كلماته شيئاً ينتمي لقلمي وفكري وروحي ويعبر عن ما يجول في خاطري وخلدي .
الفكرة الرئيسية التي يناقشها شريعتي هي أهمية " الدراية النفسية " التي بها يعرف المرء نفسه ويجدها في ركام العبثية والأشياء التي تزاحمه في حياته ، يجدها بحيث لا تختطفه رموز التنويم الفكري والثقافي ، ويعرفها حتى لا تكون سهلة لأساطين الاستلاب الحضاري .
الدراية النفسية التي تحمي المرء من الاضطهاد والتماهي التي يضيع معه كل تمايز أو فرق ، حتى لا تنجلي صورة الإنسان إلا في غيره ولا تقوم له قائمة إلا بسواه من أمم ومرجعيات وبشر لا ينتمون له ولا يعترفون بخصوصيته .
ثم أهمية " الدراية الاجتماعية " التي تعني التشارك في الشأن العام والحفاظ على هوية الأمة ، لا تغتر بالدعوات العالية والصيحات الصاخبة ولا الأبواق التي لا تمل ليل نهار وهي تنادي بالتحديث والتطوير والتغيير إنها تدس السم في العسل وتنزع عنها جلدها الأملس الناعم الجاذب وتغترز أشواك الضياع والشتات .
" الاستحمار " الكلمة الغريبة في مطلع كتاب فكري غاية في النفع والعمق ستجدها في ثنايا الكتاب كتعبير شعبي لحالة التنويم والتخدير الثقافي والحضاري التي يعمل عليها الخارجيون رغبة في تجريدك هويتك وتسطيح تفكيرك وتجهيلك إلى درجة ترضى فيها بالتغيير الجذري لمبادئك .
كتاب ماتع بحق وليت شريعتي استزادنا من نتاجه ، عليه من الله أوفى رحمة ومغفرة .

تاريخ المذاهب الإسلامية


تاريخ المذاهب الإسلامية


كتاب كبير يتجاوز الخمس مئة صفحة وهو ماتع في اختصاره وشموله وإلمامه بأطراف واحد من أهم موضوعات المسلمين وألصقها بحياتهم .
الفقه الديني أو التاريخ الفقهي أو التصور الديني للحياة على اختلاف الأطوار والأزمان والعصور ، وإنه لحقيق بالمسلمين أن يفاخروا بهذا الموروث العظيم الذي تركه الفقهاء ويفخرون أكثر بملامح المرونة والإنسانية والتدين التي كانت بادية في مفاصل هذا السفر العظيم من تاريخ أمتنا .
أسماء لمعت في تاريخ الفقه الإسلامي ، بذلت زهرة أعمارها ووظفت طاقاتها واستخدمت إمكاناتها ، سهرت حين ينام الناس وترحلت في أقطار العالم حين يقيم الناس وحرمةت شهوات الدنيا وزينتها في حين تقاتل عليها البشر .
عندما تقرأ في أصل القصة ، ومطالع الاختلاف المذهبي والفقهي ستعرف أننا ننهل من معين واحد ونبتغي غاية واحدة ، نرشف من معين الكتاب والسنة والسلف الصالح ولنا غاية واحدة أن ننزّل على الحياة حكم الله ونعيشها كما ينبغي لمسلم آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد - صلى لله عليه وسلم - نبياً ورسولاً .
إنما نشأ التعصب والفرقة والشتات في أعقاب الأئمة الأجلاء وفي أجيال تباعدت عن ضياء الحق وتشوفت لمطامع الدنيا ، ذلك عندما دخلت السياسة في ثوب الدين وشاءت أن تجعل لها ديناً يوافق هوى حكامها ويجري على رياح سلاطينها حتى لم تعد تعرف الفرق بين الطين والسياسة .
وكم هي النصيحة الربانية غاية في الحق الصدق والصلاح أن نعيد خلافاتنا إلى الله ورسوله ولا شيء سوى ذلك ، وهذا ما بدة واضحاً في كتاب العلامة محمد أبو زهرة البارع الفارع في علوم الفقه وتاريخ الأمة وعلمائها الأجلاء .

الحديث عن المرأة والديانات



الحديث عن المرأة والديانات

كتاب يقع في قرابة المئة وخمسين صفحة أو تزيد للمفكر الليبي الصادق النيهوم ، لم أعرفه من قبل ولكنني سمعت عن قدرته التفكيكية والتعبيرية الغاية في النوعية والفرادة ، وهذا ما لمسته في اطروحاته التي تنساب بهدوء إلى وعيك وتتموضع في مكان عميق من تفكيرك حتى لكأنها الحقيقة المتناهية التي استقرت بعد قناعة .

يبدأك الحديث عن المرأة في التوراة واعتبارها المسؤولة المباشرة عن خطيئة آدم ...في جنة الله ، ولذلك اعتبرت الولادة التي تختص بها المرأة عقوبة لها وجزاءاً لفعلتها وتبقى في نجسها ويتجنبها الرجل حتى يحين تطهرها .
بينما يأتي الإسلام بصورة أكثر تحضراً وتسامحاً مع المرأة في سبيل إدماجها في المجتمع وتبنيها موقعها الأثير في أرض الله .

استخدم - النيهوم - الطلاق في الأمة المسيحية دليلاً آخر على فساد الدين النصراني وانحرافه عن الفطرة ، عندما فرض عليه التحريم وضاق الناس بهذا التشريع وابتدعوا طرقهم التحايلية للفرار من ذلك .
بينما تجد المسيحية ما يبرر تشريعها لإنقاذ المجتمع من سيطرة " الرجل " في الأمة التوراتية وقد تلاعب في أحكام الطلاق لصالحه وجعل أزمّته بيده ليبدأ مشوار الظلم على المرأة المسكينة .
ولكن الإسلام يأتي مجدداً ليقرّ موازين العدل والنزاهة وينصب راية الحق بتشريعات المتوازنة والمعقولة والوسطية .

ثم جاء العهد الأوروبي الحديث ليستنقذ المرأة من ظلم الديانات الفاسدة والرجل الظالم ولكن الحماس أخذه إلى فضاءات التيه ، وشاركت المرأة في صنع عالمها الضبابي وأخطأت في استخدام تعبير " المساواة " في ظل اختلاف البنية الوظيفية لكل من الرجل والمرأة .
وأحدثت النتائج الأولية للحرية والعدالة والمساواة رغبة في الازدياد وترسيخاً لصواب هذا النهج ، بينما تمعن المرأة في الانحراف عن مسارها الوظيفي ودورها الفطري كلما طالبت بالاقتراب أكثر من الرجال والتزاحم على الفرص الواحدة مدعاة للمساواة .

استثارت النجاحات الأوروبية الأولية الرغبة لدى أمم الأرض لتمثل هذا النموذج وجعلت الانتصار للمرأة علامة التحضر وبداية الطريق وناصية التحديث ، وليست أمتنا بمنأى عن هذا التقليد المسعور وعملت على استنساخ التجربة الأوروبية في تعليم المرأة العربية بعجرها وبجرها .
وحدثت الفجوة العظمى بين جيلين وعقلين وفكرين وإنسانين ، التقليدي والمتحضر ، القديم والحديث ، الأمي والمتعلم ، الآباء والأبناء .
لقد تجاهل رعاة الفكر والتربية والتعليم ضرورة التدرج التي اتبعتها أوروبا وتناست أن تحدث استعداداً اجتماعياً لهذه النقلة التحديثية في تعليم المجتمع ، ثم إنها جعلت المرأة والرجل على قدم المساواة في التعليم والتوظيف وتكافؤ الفرص دون التفاتة بصيرة على تباين الوظائف والأدوار وقراءة حاجات المجتمع وما زالت النتائج تثبت خطورة الوضع كلما غالى المعنيون في تتبع خطوات الغرب دون بصيرة ودراسة كافية .

مرة أخرى وليس بعيداً عن حال المرأة في العالم أجمع تعيش المرأة العربية حبيسة الموروث الاجتماعي ، مجموعة تقاليد اجتماعية وموروثات تماهت مع الدين والعرف والتقليد حتى أصبحت راسخة لا تزحزحها مداميك التنوير والنقد .
لقد تبنت الأمة العربية بعض موروثات الديانة التوراتية واعتبرتها أصيلة في عمق الدين الاسلامي ، ولم تهضم حق شريعة حمورابي القديمة في حصتها من البناء الاجتماعي للسلوك والتصور والاعتقاد العربي .
تناول الكاتب سلسلة التشابه بين كل هذه التكوينات الثلاث ( الموروث التوراتي - شريعة حورابي - الواقع العربي ) وترك للقارئ أن يقوم بعملية اكتشاف الصواب من الخطأ والثابت من المتحول .

الأيام



الأيام

بحق .. إن الذي لا يقرأ لعميد الأدب العربي طه حسين فهو لن يعرف سبيلاً إلى رشاقة القلم وخفة العبارة ولن تجد دليلاً على قدرة طه الكتابية مثل مذكراته الماتعة التي دونها في الأيام .
لقاءنا الأول بهذه الصفحات لا ينسى في ذاكرة المسيرة المعرفية فلها متعة لا تعادلها متع الدنيا الطينية ولها رونق وألق يستدعيك لتكرارها ما وجدت لذلك فسحة ومتسعا .
يعتصرك الألم والخوف والحزن والفرح والاستبشار واليأس والأمل والبأس والشدة والرخاء والعافية وكل معاني الإنسان التي لا تجد لها مصطلحاً أو تعبيراً يدل عليها ولكنك تشعر بها وتعيشها حيناً منقطعاً وحيناً متصلاً مختلطا .
وتعجب إذ تعجب كيف بالكتابة وهي تختزل تاريخ إنسان أترعت حياته بالنجاحات كما ضجت بالمآسي ثم يبسطها في الكتاب وكأنه يحبس مشاعرها الموارة وأحاسيسها الفوارة في قفص الكلمات فأنت تتصفح هذه الصور كزائر متخفف إلى حديقة مليئة بالعجائب والغرائب .
ستقف على صورة ماتعة من الحياة المصرية الريفية البسيطة حيث كانت نشأة هذا الأديب الكبير ثم انتقاله إلى الأزهر الشريف في عاصمة الدنيا " القاهرة " يجول بك بين أزقتها وحاراتها ودكاكينها وحوانيتها وأركانها ، ولوقع الحرف الذي يختاره وينتقيه كأنك تسمع صوت ضجيجها وتشم رائحة شوائها وتذوق لذعة حلوياتها .
ولأنه كفيف كان لهذه الإعاقة سطوتها وحظها من حياته ومن كتابه ، وقد أجلسني بفضل قدرته التعبيرية الفائقة معه في غرفة السطح وعلى ذات الحصير الخشن الذي يفترشه أشاطره الهواجس والمخاوف ذاتها حتى أسمع حسيس مقدم أخيه عليه في العشاء الآخرة .
في فرنسا .. حيث انتقل لاستكمال دراسته العليا وبعض من كفاحه العلمي والكتاتيب وصديقه وابن خالته ومرافقه ومعلموه وشيوخه وووالده وأخواته والشيخ الفتى وأسماء كانت عاملاً مضافاً إلى متعة الكتاب .
أرجوك يا قارئي لا تفوت فرصة قراءة هذا الكتاب والسلام .

تاريخ الإلحاد في الإسلام


تاريخ الالحاد في الاسلام

عنوان الكتاب غريب بعض الشيء وصاحبه المفكر المصري عبد الرحمن بدوي وهو صاحب يد طولى في الترجمة والاهتمام بنتاج المستشرقين وتخريجاتهم الكثيفة لتاريخ الأمة العربية .
وفي هذا الكتاب يتناول جزءاً من التاريخ الفكري للامة المسلمة وبوادر فكر الالحاد المنحرف عن بوتقة الدين والملة .
في باكر الكتاب تحدث حول الروح العربية وعن أصول ومنشأ الحضارة الاسلامية والعربية واستنارتها بحضارة الاغريق والروم والفرس ولكنه ذهب إلى مذهب المستشرق بكر في أن كل حضارة لها مبدؤها الخاص ومسارها المتفرد ورسمها المباين وليس بالضرورة أن تكون نبت سابقاتها وأن تكون خالية من كل فرادة وتميز .
ابن الراوندي احتل الجزء الأكبر من هذا الكتاب ولأنه لم يحفظ له مؤلفات ثابته وكاملة تبين فكره ومذهبه ومنتهى قوله إلا ما حفظ له من ردود مخالفيه ونقض آرائه خاصة عند الشيرازي الإسماعيلي الذي رصد بعض آراء ابن الراوندي في المجالس المؤيدية نسبة لاسم العالم الشيعي " الشيرازي " .
الفكرة الرئيسية في فكر ابن الرواندي هي نقضه للنبوات وكأنه يقترب من البراهمة كما يشير إلى ذلك أكثر من عالم مسلم تعرض له في مؤلفاته ، كما أنه غلب تحكيم العقل واعتبره المعني بالتحسين والتقبيح وقال أنه من كمال الإيمان بالله أن نحترم هذا العقل كأعظم هبة ربانية ونحتكم إليه في التعرف على ما ينفع ويضر ولذلك بطلت الحاجة إلى الأنبياء .
ولعلنا نعرف الآن لماذا أصبح العقل ومن يهتم لشأنه يحارب العقيدة والنص الديني من قريب أو من بعيد لأنه ارتبط مباشرة بالموجة الأولى من الإلحاد ، وهذا موقف فيه الكثير من التجني ويحتاج إلى الكثير من المراجعة .
ثم ينتقل الحديث بعد قطعة بحثية أكاديمية مقارنة يقوم بها بدوي للتعرف على مصادر أخرى تحفظ إرث ابن الرواندي لكنه لا يكاد يجد إلا الشحيح منه .
ينتقل بنا إلى الرازي وجابر ابن حيان ويستعرض بعض آراءهما التي اتسمت بشيء من التنكر لبعض الثوابت الدينية ولكنها غير ذات تميز عن ما سبقهم به ابن الرواندي .
الإلحاد لا يحمل لوناً واحداً وهو معاداة الدين بشكل مباشر وتقصده بالإنكار والنقض ، بل يحمل صفة فكرية وثقافية وانتصاراً واسعاً للعقل وتعشقاً للمعرفة والعلم مثل انحراف ابن المقفع الذي لا يرقى إلى درجة الإلحاد في ظني .
وكذلك صفة تعصبية لمذهب ديني ما أو فكرة عارضة أو تحبباً وتسويغاً للفساد والانحلال والمجون كما فعل بعض الشعراء الماجنون على حد تعبير المؤلف .
القراءة في تاريخ الالحاد عبر عصور الاسلام شائق ورائق ولن تعدم الاستفادة من معرفة بعض الأسباب والمبررات لنشوء بعض الخلافات السياسية والعقدية التي ما زالت قائمة وسوف يستثيرك حجم الحرية التي كان يتمتع بها المسلم بأي مذهب اتجه وبأي قول قال .
سائلين الله تعالى أن يحفظ علينا ديننا وإيماننا بالله عن قناعة وتصديق يقيني لا يقطعه شك .

حوار المشرق والمغرب


حوار المشرق والمغرب

كتاب ماتع ورائع وفكرة رائدة ابتدعتها جريدة مصرية تجمع المفكر محمد عابد الجابري ممثلاً الجزء الغربي من العالم العربي والدكتور حسن حنفي ممثلاً عن مشرق العالم العربي .
أما الجابري فلا تخشى أن لا تجد في كلماته ومقالاته ومؤلفاته ما ينفعك وينير بصيرتك ويوسع مداركك فهو إن كتب فقد كتب بحبر الموضوعية والمنطق والنصفة والذكاء ، يكتب كتابة الداري بما يجول والنابه إلى ما سيؤول والمدرك لتاريخ الأمة والعارف بتعقيد الأزمة .
وعلى الطرف الآخر يقف المفكر المصري حسن حنفي وهو الذي أراد لنفسه أن يكون رائد اليسارية الإسلامية كنهج واتجاه مع كل ملامح هذين المصطلحين في تفكير تعلوه التؤدة والهدوء وتغليب مصلحة الأمة والتخفف من وزر التشدد والغلظة الفكرية .
الحوار كان ماتعاً إذ يجمع بين عاطفية المشرق العربي وعقلانية العرب المغاربة ويضيء طريق الأفكار التنموية والنهضوية من شقين وجانبين وهو إن لم يمثل تماماً جماع عقلي العرب الشرقي والغربي فأنت لن تعدم أن تستفيد من نتاج هذين الاسمين المهمين في مسيرة الفكر العربي بعمومه .
الأصولية والعصرنة ، والعلمانية والإسلام ، والبحث عن مشترك لمواجهة المصير الواحد ( الوحدة العربية ) ، الليبرالية ، الحداثة والتقليد ، والناصرية ، وهكذا من شتيت الموضوعات والعناوين التي طرقت في هذا الكتاب الشائق وكأنك تختصر ضجيج الأفكار في هذه القطعة الثرية .
قد يبدو حسن حنفي في كثير من الأجزاء والمقالات مؤرخاً ومسجلاً للأحداث العامة أكثر منه محللاً وناقداً وواصفاً للعقل المشرقي تجاه هذه القضايا ، بينما بدى الجابري وكأنه تلبس برأي المغرب الذي يغاير المشرق العربي في بعض مقاطعه ، كما أنه يمارس عملاً نقدياً وتحليلياً عميقاً ولا يكتفي بالتوصيف فيما يبدو لي .
الكتاب ماتع بحق ويستحق أن تصرف له بعض وقتك .

شرعية السلطة في العالم العربي



شرعية السلطة في العالم العربي

مجموعة مقالات متفرقة للصحفي أحمد بهاء الدين لا تجمعها وحدة موضوعية واحدة ولكنها تدور في إطار لا يتخالف ويجمع قضايا تخص العالم العربي في كافة قضاياه الاقتصادية والثقافية والسياسية .
وهو من أجمل الكتب التي تقرأها باستمتاع منقطع وتظهر قدرة الكاتب الأدبية ورشاقة قلمه وثراء اطلاعه وإجادته فنوناً وعلوماً من الحياة مختلفة .
الغزو الحضاري ، الوحدة العربية ، الطبقة المتوسطة ، الأخلاق والسياسة ومعركة حقوق الإنسان .. وهكذا تتنوع الموضوعات وتتباين العناوين يجمعها الحاجة الشديدة لها في مرحلة بناء وإعادة إعمار الأمة العربية .
ستعجبك قدرة الكاتب على التحليل العميق ومقارناته التاريخية والعصرية مع الجانب الغربي من هذا العالم ، كما أنه بعيد عن التعصب لفكرة ما أو توجه بعينه ولا يكتب بلغة متحمسة بقدر ما هي موضوعية لطيفة متعقلة .
في بعض أجزاء الكتاب كنت أقرأها بصوت عالٍ واستمتاع لذيذ واكبها معلومات ثرية وتوصيف عميق ومنطقي وأفكار مميزة أدلى بها هذا الكاتب الصحفي المصري في كتابه الرائع .

الحق في التعبير



الحق في التعبير

كتيب صغير قام بتأليفه القانوني والمفكر المصري محمد سليم العوا ، وأكثر ما دفعني لقراءة هذا الكتاب هو اسم صاحبه الذي يتمتع بأفكار مستنيرة ومتقدمة على الزمن ودعايته المستمرة للوحدة وتجاوز الخلافات الجزئية لبناء وحدة عربية وإسلامية شديدة العرى وثيقة الصلة ما دامت المشتركات تجمعنا بأكثر من المختلفات .
الكتاب صدر في أوج قضية المفكر المصري الراحل نصر حامد أبو زيد صاحب الكتابات والمؤلفات التي تضمنت دعاوى لإعادة تفسير وتحليل النص المقدس الإسلامي قرآناً وسنة بما يتوافق مع العصر ولا يتصادم مع اللحظة المنفتحة .
الكتاب قانوني بالدرجة الأولى وهو ينتصر لرجال المحكمة التي اتخذت قراراً بالتفريق بين أبو زيد وزوجته بموجب دعوة تقدم بها محتسبون على اعتبار أن المفكر نصر قد ارتد عن دينه بفعل الأفكار " المنحرفة " التي أدلى بها في كتبه .
لا يتناول الكتاب الجانب الفكري والثقافي لهذه المسألة بل جانبها القانوني وهو ما يعني أنه تخصصي ويستكمل جوانب القضية الظاهرة في تاريخ الأدب والفكر العربي .

قادة الفكر



قادة الفكر

سبحان من أعطى طه حسين عميد الأدب العربي هذه القدرة البلاغية في الكتابة وهذه الدراية الواسعة بالأدباء والعظماء والمفكرين والحكماء في كل أمم الأرض .
وإن طه معلم الفسطاطين ، فمن أراد أن يدرب قلمه على الكتابة الأدبية الراقية ويزيد من إمكاناته الكتابية فعليه بكتب هذا المبصر بنور العلم والمعرفة ، وهو معلم المكفوفين ممن اختار الله لهم حظاً من الامتحان الرباني بانطفاء نور البصر .
كتابه المميز " قادة الفكر " وهو سلسلة لبعض عظماء التاريخ الإنساني ممن أثروا العقل البشري بعلومهم وكشوفهم الأدبية والعقلية والرياضية وأسسوا لحياة بشرية راشدة تستقيم لهذا المخلوق المحظوظ .
هوميروس ودرس في علاقة الشعر بالحضارات وقد رأى طه حسين أن في الشعر فجر كل حضارة وابتداء كل صفحة من تاريخ الإشراق الإنساني وقد جعل من تاريخ العرب دليلاً على ذلك في لفتة نابهة .
ثم سقراط وأفلاطون وأرسطوطاليس وكأن البشر انتقلوا من حماس الشعر وحرارة الكلمة إلى منطق العقل وموضوعية التفكير وهو النشأة الثانية للعقل الإنساني وكأنه انتقال بالحياة الإنسانية إلى حظها من التنمية المستدامة وإعمار هذه الأرض بما يضمن للإنسان فيها السعادة والهناء .
ويطوف بك عميد الأدب إلى الاسكندر ويوليوس قيصر وكأن الحكومات استشفت هذه الذخائر الأدبية والعقلية لتشييد ممالك الحكم على أسس راسخة وبنيان من الحق والمنطق حتى لا تفتك بهم الفوضى ويطير بهم الاستفراد المجنون إلى الفناء .
جولة فذة وماتعة تعيشها في هذا الكتاب الماتع مع واحد من أعظم أقلام الأدب والفكر في تاريخنا الحديث طه حسين .

الفتنة الطائفية



الفتنة الطائفية .. متى .. وكيف .. ولماذا ؟

عودة إلى الحالة السياسية العربية المسمومة وإلى موضوع شائك يعتبر من أكثر القضايا جدلاً واضطراباً في عالمنا العربي الذي لا غرابة التي تفت في عضده هذه المشاكل التي تلد مع حراكه نحو التقدم والتمدن في ظل التواجد الأقلي لبعض الطوائف والأديان والمذاهب التي لها حق الوطن والأرض بحكم التاريخ .

أتممت قراءة الكتاب قبل قضية " ماسبيرو " بأيام ، تلك التي عصفت بالشارع المصري كأول اصطدام مسيحي عسكري بعد ثورة 25 يناير التي لا نعرف أثرها في مستقبل أهم
بلد عربي في الخارطة إذ به يتأثر المحيط كله وعليها يقف المستقبل وأمله .

والكاتب محمد عمارة في قائمة الكتاب الذين أشتري لهم المؤلف وأنا أثق بدسامة مادته وموضوعية طرحة وقوة أسلوبه ورصانه منهجه ، ولم يخب الظن في هذا الكتاب حتى لو بدى وكأنه هجوم مسدد على الكنيسة الرسمية في مصر ومشروعها في الاتصال بالمشروع الاستعماري لكسب المزيد من التأييد الدولي سيما في ظل غلبة الدول والأمم المسيحية في هذا الزمان .

المشروع الاستعماري الذي يعتبر أول من بذر في أرض الاحتراب الطائفي في مصر وبالتالي في البلدان العربية ، ثم الفساد السياسي أو يمكن أن يقال الاضطراب السياسي من جهة تناول الدولة منذ أنور السادات إلى العهد الأخير من حكم حسني مبارك لوضع الأقليات في البلاد جعل من الكنيسة ما أشبه ما يكون بالدولة في وسط الدولة .

ذكر عمارة كلاماً نفيساً حول عروبة العرق المصري وأرّخ للخلاف حول ذلك بين القبطيين والمصريين وهو كلام نفيس واستعرض بعض المواقف المعتدلة من كلا الجانبين وهذا ما أثار إعجابي كثيراً .

استعرض عمارة مجموعة من التحديات والمخاطر التي تواجه المسيحية والمسيحيين في البلاد المصرية ، التي صنعت منها الكنيسة فرصة لتوسيع دورها والخروج من موقعها الروحي والتطهيري إلى الميدان السياسي ومضمار التنافس على حصة الوطن من القرار والاستئثار .

والعتب على أهل المسيحية أنهم اتخذوا الطريق إلى المشاركة السياسية بالطرق الاستفزازية كما يتصور القارئ لكتاب عمارة مما جعل أهل السنة والسلفية يتحمسون للمواجهة مع المد المسيحي في ظل دولة ضعيفة في نهجها ومضطربة في سياساتها .

الطائفية تهديد حقيقي لأهل المسيحية وغيرهم من أصحاب الديانات والطوائف والمذاهب وهو تهديد للأغلبية كذلك بخسارة الوطن وإقحامه في احتراب أهلي واستنزاف لثرواته وصرف التوجه من بنائه إلى هدمه وتقويض أركانه وعلى الجميع أن يتلزم الصدق والشفافية وأن يولي وجهه قبل الوطن والله وليس شيء دون ذلك .

الطريق إلى المدينة



الطريق إلى المدينة

موعد آخر مع علامة الهند صاحب الكتاب الشهير في النقص الذي لحق بالعالم وراء انحطاط المسلمين إنه العلامة الكبير أبو الحسن علي الحسني الندوي وهذه المرة في مجموعة مقالات قد يكون كتبها في أوقات متفرقة حسب الأحداث والوقائع وارتصفت في عقد واحد حول مدينة الرسول الذي كانت بمثابة القلادة لهذا العقد الفريد من الحروف الأدبية المتلألئة .

يبحر بك الندوي في أغمار كتاب ماتع كما يقول لمؤلفه القاضي محمد سليمان المنصور فوري رحمة الله عليه بعنوان " سيرة رحمة للعالمين " وقد ترك أثراً واسعاُ في نفسه وذلك في مطلع بداياته الثقافية عندما كان شقيقه يهتم بتعويده على الاطلاع والقراءة منذ وقت مبكر وقد لمسنا هذه الأيام أثر هذه النشأة المباركة في تخريج علامة بهذا القدر من الحماس الديني والثراء المعرفي والاطلاع الواسع بكل مقروء ومنثور في بطون الكتب وعلى صفحات الورق .

ثم ينقلك إلى عبقرية شعرية بارعة اسمها " محمد إقبال " ورغم أن هذا الشاعر العظيم لا يكتب بلغتنا العربية ولكن وهج شعريته وعمق عبقريته لم يُحرم منها الرجل العربي إذ لا يغادر سمع كل مهتم ذكر هذا الرجل البارع في شعره والغائر في إحساسه ، وحتى عند ترجمة شعره إلى العربية لا يبرد ذلك الحماس ولا تتسطح تلك المشاعر في العبارات الجامدة فإنك لابد واقف على شيء من ذلك العمق وهذا التعلق الديني بالمثالية المحمدية .

ثم نقف على جزء من مواهب العلامة الندوي في هذا الكتاب حيث يستعرض مواهبه المعرفية والأدبية وتلتقي مع ذلك النبع الداخلي الذي يغمره بالحب المحمدي والتعلق بهذا الدين وأنت تطالع رغم التباعد الزمني للمقالات التي يكتبها ( وفود الأمة بين يدي نبيها ، من غار حراء ، ميلاد عالم جديد ، في مهد الإسلام ، البعثة المحمدية ) إلا أن الترابط الروحي واضح وضوح الحق في بعثة محمد وكأنها مجموعة منابع وعيون تصب في مجرى الحب المحمدي الذي يربط أمة قوامها أكثر من مليار نفس .

ثم يجدد الندوي الصلة بين العجم سيما شعراؤهم وأدباؤهم بالنبي العربي الأمي عبر استعراض مجموعة من قصائدهم في ذكره والتشرف باسمه في مجلس أدبي متخيّل ثم ينتهي بك إلى الشاعر العبقري إقبال الذي قدم للأمة المسلمة دواء أسقامها ورشاد ضلالها وعلاج علّتها والمخرج من ضيقها وعنتها ويا ليت قومي يفهمون .

أسرار القيادة والتأثير



أسرار القيادة والتأثير

كتاب رائع وماتع طبعته مشكورة وبالمجان منظمة النصرة العالمية لنبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - وكتبه الأستاذ الفاضل سليمان بن عوض قيمان ولقد أجاد وأفاد كثيراً وهو يستعرض عشرة فنون لها الأثر الكبير في النفس البشرية وفي تماسك الأسر والمجتمعات إنها كما في عنوان الكتاب الفرعي " أعلى فنون القيادة وأقوى سبل
التأثير من سيرة أعظم قائد سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - " .

النبي الإنسان .. هذا الشعور الذي ينتابك وأنت تطالع مواقف غاية في التسامح والعفوية وكأننا بالنبي الكريم - محمد - صلى الله عليه وسلم يعلّم أبناء أمته والإنسانية كلها كيف تُعاش هذه الحياة على كف من الحب والاحترام الإنساني المتبادل .

عناوين عشرة عريضة تقابل مطلع كل فصل من هذا الكتاب ثم تنهال عليك مواقف راقية من الحياة النبوية الفاضلة ، ولا يقف بك عند هذا الحد بل يطالعك جوانب شتى للمبدأ نفسه في عدد من المواقف المحمدية التي حدثت في حياة أعظم إنسان درج على وجه هذه الأرض .

الجميل أن العنوان " أسرار القيادة والتأثير " وهذا ملمح ذكي لأنه التعامل مع النفوس والأمم والجماعات بطريقة ذكية ومبتكرة ومؤثرة لا تتأتى إلا عبر قنوات سرية لا يجيدها إلا العظماء وقد كان النبي الكريم عظيماً في ثوب إنسان وملاكاً يمشي في الأسواق ويأكل الطعام ومعجزة لا يتكلف طباعه ولا يبالغ في سلوكه ولكنه يأتي بما لا يأتي به العبقريون والخارقون وهذا قبس من السر الإلهي الكامن في سيرته وشخصه .

ما تمنيت لهذا الكتاب أن ينتهي وأنا أطالع جوانب الإنسانية التي تتدفق من مواقف هذا الإنسان العظيم أو أعظم إنسان ولكن موعدنا في لقاء آخر مع كتاب محمدي لا يختلف عن هذا روعة وجمالاً .

مفهوم الحرية



البدوي أكثر أنفة من غيره وهو ميال الى الخروج عن الحدود المفروضة والقيود التي تحصر رغباته وتمنع نهماته كما انه لا يحب الخضوع لسلطان خارج عن إرادته وحاكم يفرض سيطرته من غير نفسه ولذلك لا يستجيب للتمدن والتحضر الا ان يفرض عليه فرضاً لشعوره انها تحد من حريته .

والبدو هم أصل العرب وحقيقتهم ومادتهم الأولى ولذلك كانت الحرية كحقيقة تتجاوز الألفاظ والمفاهيم المسبقة ألصق بالعرب عن غيرهم وكانت اقعاً معاشاً في النفوس وفي العلائق ولا حاجة لتمحصيها في الفكر والفلسفة والثقافة المنصوصة .

وعندما جاء الدين ( الإسلامي ) لم يأتي لتقليص الحرية أو فرض حدود مقيتة على الناس انما جاء لتنظيمها وترتيبها على نحو تقترب فيه من المسؤولية والتعقل والشرع على اعتبار الاخير يقدم نموذجاً مثالياً ولا يمارس دوراً تسلطياً .
وقد جاء الاسلام بمفهوم يقترب من الموضوعية والصدق والعدل عندما دعا لرفع سقف الحرية كلما ارتفع مستوى التعقل والقدرة على ضبط النفس والحفاظ على مستوى المروءة الخلقية وهذا ما جعل حظ المرأة اقل من غيرها ليس لان الدين يجعل منها شخصاً ناقصاً ولكن الثقافة السائدة تجبر على ذلك .

الاسلام لا ينص على قوانين قطعية وثابتة في تنظيم شؤون العباد ولكنه يعمل دائماً على غرس الحقيقة في النفوس أولاً بينما يكتب الناس نصوصهم الثابتة على اساس فهمهم للحقيقة غير مجانبين لمصلحتهم وتحقيق مواقعهم التي تكفلها الشريعة .

هذا ما جال في خاطري عندما قرأت أول خم وعشرين صفحة من هذا الكتاب للمؤلف عبد الله العروي .

الفصل الثالث : الحرية الليبرالية
انه قراءة تاريخية وفلسفية لتطور مفهوم الحرية الليبرالية في العالم الغربي خلال القرون الثلاثة المتأخرة ومنشأ الخطأ في نقل المفكرين العرب عن هذا المفهوم دون إدراك للتطور وحجم النقد لمدى تناقضه عندما انتقل للتطبيق اثناء الثورة الفرنسية .

لم يراعي المفكرون العرب المرحلة التي كان يعيشها المجتمع حينذاك وانهم غير مهيأين لممارسة هذا المفهوم حقيقة لانهم مجتمعات متخلفة كما قال جون ستورت ميل الذي اتضح ارتباطه في تحديد الفواصل بين الفرد والدولة واكد حاجة المجتمعات المتأخرة التي لم يبلغ فيها الانسان مرحلة الرشد - ومنها العربية - الى تطوير ثقافي واجتماعي وتجاوز لمرحلة التخلف .

ان الحرية الليبرالية تحتاج الى رجل عاقل ومسؤول عن تصرفاته مدرك لمصلحته ومن هذا الأساس يملك حريته ولا يسمح للدولة ان تنظم شؤونه ولا تتدخل في التعامل البشري المصلحي ولكن من يضمن ان يكون الانسان عاقلاً في بعض المجتمعات وان يكون عاقلاً دائماً في المجتمعات المتقدمة وهذا ما يوحي بضرورة تدخل الدولة في بعض الشؤون الخاصة وهو ما يناقض مبادئ الديمقراطية .
في مجتمعاتنا على الدعوات الليبرالية ان ترفعها كشعارات اولاً لتؤكد على قيمة الفكرة وأهميتها ثم تتحول الى التطبيق بعد ان تؤمن بها النخب والجماعات ولكن التطبيق يخضع لظروفنا الدينية والاجتماعية والمعرفية والا نشأت اخطاء خطيرة في هذا .

كيف ندعو إلى الإسلام ؟



الكتاب ألفه الداعية اللبناني فتحي يكن وهو من الكتاب الذين يخفى ذكرهم رغم وسع علمهم وثراء معرفتهم .
يناقش الكتاب الخطوات التي يجب ان يمارسها الداعية في توظيف الطاقات البشرية الجديدة التي تنخرط لخدمة المشروع الاسلامي .

يبدأ الكاتب في عرض اهمية الدعوة والشروط الواجب توفرها لنجاح هذه العملية وكون الدعوة الى كلمة الله هي الصفة التي اعطت المسلمين درجة الشهادة على العالم كله
بدأ الكتاب في وسطه يتعمق في الحديث ويتناول موضوعات اكثر حساسية وأهمية عندما استعرض الفكرة الشيوعية التي تضاد الدين ولا ترى الحاجة اليه ماسة وانه لعبة اختلقها الانسان لتغطية عيوبه او استغلال بني جنسه وتمتين مصالحه وثرواته
لقد قاد العالم الشيوعي سيما في اطوار نبوغه وسيادته العالم إبان قوة الاتحاد السوفياتي هجمة شرسة عسكرية وفكرية على الأديان ومنها الاسلام الذي يعتبر اكثر الأديان فاعلية فيمن يعتنقها .

ويبدو ان لغة الشيوعية المتهجمة على الأديان اصبحت قديمة ولم يعد لها رواج كبير الا في انظمنتها الاقتصادية المتهاوية وقد اثبتت انها ضد فطرة الانسان وتنفي شهواته وحاجاته .
ثم تحدث عن الفكرة الرأسمالية ولم يسهب في شرح فكرتها ونقض أساساتها ربما لانه لم يشهد سيطرة هذا النظام الاقتصادي على العالم حينها وعلى العموم لم يرى في هذا النظام اي محاسن تذكر او ما يثبت صلاحيته للإنسان .

واخيراً يقف بك الكاتب على المنهج الاسلامي وتطرق الى شرح جانبيه العبادي والمعاملاتي وحجم المصلحة المتحققة والمنفعة المتيسرة بإشاعة هذا المنهج الرباني الشامل المتقلب حسب الحاجات الانسانية .

في الكتاب حقائق دامية ومؤسفة للنظام الشيوعي كما ان فيه عرض موضوعي وانساني للأحكام الاسلامية تستحق ان تقرأ وفيه شيء من كلام مكرور لن يعدم من يقرأه ان ينتفع به .

أثر العرب في الحضارة الأوروبية


كتاب بديع ورائع للعبقري المصري عباس محمود العقاد صاحب الصالون الثقافي الشهير وهو نبت القراءة الكثيرة والاطلاع الموسع وقد كان آية في الولع بالكتب وعلامة فارقة في تاريخ الأدب والثقافة والفلسفة العربية الحديثة .

يتحدث حول سبق الأمة الشرقية في علوم الإنسان المختلفة على غيرها من أمم العالم سيما الغربية التي تروج لتفردها وسبقها في مضمار الإنسانية حتى لا تستطيع أمة أن تقترب منها فضلاً عن أن تسبقها وتتجاوزها .

ويبدو أن ما دفع العقاد لكتابة هذا المؤلف الواقع في قرابة المئة صفحة هو نقض هذا الادعاء الكاذب وتقليم أظافر الكبرياء الغربي الذي نسي معه الغرب فضل العرب والشرق بصفة عامة على الإنسان وأنهم احتفظوا بآثار الحضارات السالفة ثم أبدعت بجهود أبنائها وتقدمت بالعلوم إلى حيث بدأت منه الحضارة الحديثة الغربية في منشئها ومنتهاها .

تعود أصول كثير من العلوم سيما العقائد السماوية التي انطلقت من الأراضي الشرقية والتدوين وصناعات السلم والحرب وآداب الحياة والسلوك والطب والعلوم والجغرافيا والفلك والرياضة والأدب والفنون الجميلة والموسيقى والفلسفة والدين وأحوال الحضارة والدولة والنظام .

ولم يجعل العقاد الفضل للعرب فقط بل للمرجعية النوعية التي ينتمي لها العرب وهم الأقوام السامية التي تجمعنا بالكنعانيين والمصريين القدامى والسياميين والعبرانيين وأن هذه الأقطاب القومية هي التي شكلت الحضارة الشرقية تنامت وجها مجموعة الفنون الانسانية ثم جاء الإسلام ليزيد من توظيف هذه الطاقات في سبيل الارتقاء بالفكرة الحضارية وتوسيع رقعة المنخرطين في بنائها من الفرس والترك وغيرهم من القوميات التي دانت بالإسلام أو عاشت في ظل جولته المديدة .

استخدم العقاد لإثبات فضل العرب في تغذية الحضارة الغربية الناشئة في المنطلقات العلمية والفكرية التأصيل التاريخي للعلوم الإنسانية وأوائل من تحدث عنها أو أشاؤ إلى مبادئها في حديث تقريبي ومقارنة تثبت بالحقائق التاريخية سبق العرب إلى هذا العلم .
وبما أن ( بعض الكلمات أدول من طوال المجلدات ) كما يقول العقاد فإنه كان يلجأ الى إثبات الأصل الحرفي لبعض الكلمات التي شاعت في لغة الحضارة القائمة بكافة أطيافها الغربية والتي تجد لها أخوات في اللغة العربية من أسماء الأيام إلى أسماء الفواكه .
في ص ١١٦ اختصر العقاد التناقل الحضاري الحادث بين الأمم البشرية مما لا يجعل لأمة الحق في الادعاء بفضلها ونفي الآخرين لأنها إرث إنساني مشترك تساهم في بنائه البشرية كلها كما تستفيد منه جلّها .
قال : " فلما انتهت أطوار الاجتماع إلى حضارة العصر الحاضر كانت أوربة هي مسرح التاريخ الذي تمثلت فيه هذه الأطوار " .
ولإثبات هذا بشكل عملي وبطريقة موضوعية ختم العقاد كتابه بمجموعة الآثار التي طبعتها الحضارة الأوروبية الحديثة على النهضة العربية وجعل أولى العناوين فيها " سداد الديون " وكأنه نوع من المكافأة على تفضل العرب بمدهم قرون طويلة بما يبصرهم الطريق الى المجد والسؤدد .
وكان لهم علينا كما يرى العقاد فضل في علوم الاجتماع والسياسة والحكومة البرلمانية والوطنية والحركات الدينية والأخلاق والعادات والأدب والفن والصحافة .

الاسلاميات بين كتابات المستشرقين والباحثين المسلمين



الإسلاميات بين كتابات المستشرقين واالباحثين المسلمين

كتاب صغير بطباعة قديمة وجدته في أقصى مكتبة المؤيد بجدة للعلامة الهندي أبو الحسن الندوي تضمن مقالته في مؤتمر أقامته منظمة علمية ودعوية في بلاد الهند حول الاستشراق .

تحدث الندوي ابتداءاً عن جهود المستشرقين في تناول الحالة التاريخية والعلمية والسياسية والدين للمسلمين عبر مجموعة من المنقطعين لذلك والمشتغلين على تخريج المساوئ والمحاسن في تاريخنا العلمي والسياسي .

لم ألمس في حديث الندوي أي نوع من التشكيك أو العتاب على الجهد الاستشراقي في تصوير التاريخ العربي والاسلامي او محاولة بناء صورة لقرائهم حول هذا العالم بل أشاد ببعض الجهود العلمية التي سبق اليها المستشرقون في باب التصنيف والفهرسة مما أفاد الباحثين والمطالعين كثيراً .

ثم انتقل للحديث عن جهود علماء المسلمين ونتاجهم الفكري والعلمي في هذا المجال باللغة الإنجليزية والأردية .

جهد عظيم وأسماء خافية على أهل المشرق بذلت المهج والمحابر وجادت بالوقت والجهد واشتغلت على التحقيق والتدقيق وتحري الحقيقة لتوضيح صورة الإسلام السمحة وتجلية المقام المحمدي كأنظر ما يكون الإنسان النبوي الشريف في مقابل التهجم الاستعماري الفكري على عموم المسلمين في بلاد الهند وتظليل خلق الله أجمعين وتقبيح صورة الإسلام والمسلمين .
تملكني العجب والإعجاب والندوي يغمرنا بهذه الأسماء الكثيرة والجهود الوفيرة لخدمة الإسلام ونبي البشرية محمد - عليه أفضل الصلاة والتسليم - حتى لتستصغر معها جهود العرب في التأليف والتدوين في خدمة الإسلام .
وقبل أن ينتقل بالحديث الى الكتاب العرب عرج بالكلام على علماء باكستان وأورد مجموعة من الجهود العلمية على إقلال كما فعل في حق العرب ولا أعرف إن كان الداعي لذلك قلة معرفته بهم أو حقيقة الواقع وقلة الجهد المبذول والعمل المعمول في هذا السبيل .

صور من حياة الصحابيات


كم هي حاجتنا لمثل هذا الكتاب الأنيق في لغته الصالح في مذهبه الرائع في مادته لكاتب عرفناه يرسم اجمل الصور واعذب ملامح الإنسانية وهو يلتقط لنا من حياة الصحابة والتابعين أروع ما فيها من المواقف والسير والشخوص العظماء بعظمة مشروعهم وهم يرافقون أعظم إنسان وعلى أساسه تقاسموا هذه الأسماء من حيث القرب والبعد .

حاجتنا فيه لأننا في مرحلة حرجة تحاول فيه الأمة ان تتناول دينها بفهم سليم غير سقيم وعقلية بصيرة ونفس مشرقة بأنوار الدين السمح الحنيف ، ولا يمكن لحضارة أن تستعيد قوتها وسؤددها قبل أن تموقع مرأة في مكان أثير وفاعل وكبير لأن المرأة نصف المجتمع ولا خير في أمة تعطل نصفها وتشل بعضها وتوقف الخير الذي تملكه نساء المسلمين .

إنهن صحابيات فاضلات برعوا في شتى مجالات الإنسان التي ليس حكراً على جنس دون آخر ، إننا في هذا الزمان نعيش مرحلة تأسيس من الصفر تقترب في ظروفها من العهد النبوي - تقريباً - والحاجة إلى تفعيل دور المرأة كبيرة كما كانت في ذلك الزمن حيث عملت السماحة النبوية وحسن ظنه بأتباعه وقبل ذلك العناية الربانية على تولية المرأة مهامها في خدمة المجتمع سواء في حال الحرب أو السلم .

حليمة السعدية .. أنموذج الأمومة التي تفيض بصدق التربية وحسن الرعاية والاهتمام ، سيدة كريمة من قبيلة أصيلة تركت في رسول الله الكرم والأصالة التي أعملت فيه كثيراً .
صفية بنت عبد المطلب .. المحاربة في صفوف المسلمين وهي أول امرأة مسلمة قتلت مشركاً دفاعاً عن دين الله لنقف على قدر الثقة التي تملكها المرأة المسلمة في عهد النبي الكريم والمساحة الواسعة لاستفزاز قدراتها وتمكينها في المجتمع والدولة .

فاطمة الزهراء .. وأي شيء ستأخذ أو تترك في سيرة هذه العظيمة التي تعدل آلاف الرجال ولك أن أتلمس علاقة الوالدية الراقية بينها وبين رسول الله .
أسماء بنت أبي بكر .. خرجت لنا رجلاً لا يهادن في الحق ولا يمالئ أهل الظلم وينتزع يده من أزقة الطغيان وما كان لعبد الله ابن الزبير أن يتحلى بهذه الشجاعة المنقطعة النظير لولا " امرأة " .
نسيبة المازنية ، ورملة بنت أبي سفيان ، والغميصاء بنت ملحان ، وأم سلمة ، كن جميعهن معنا في هذا الكتاب الموجز في مواقف بطولية نبيلة ، وليت كاتبها الكبير عبد الرحمن رأفت الباشا ما اقتضب ولا أوجز وليته ما أقل في تتبع المزيد من هذه الصور العظيمة في تاريخنا الإنساني الكبير .

الاستشراق والمستشرقون .. ما لهم وما عليهم



لاستشراق والمستشرقون .. ما لهم وما عليهم

كتيب مشهور يناقش قصية الاستشراق التي لم تعد فاعلة كثيراً بعد استبدالهم بطائفة المتغربين ومروجي الأفكار الخارجية .

ألفه المفكر السوري مصطفى السباعي وقد تناوله بطريقة موضوعية - كما اتصور - خاصة وانه متمرس في نقد الاستشراقي بعد تجربته مع جولد تسيهر الذي تجرد لنقاش افكاره العدوانية ضد شهاب الدين الزهري .

الكتاب الواقع في صفحات قليلة يطوف بك حول اهداف الاستشراق ووسائله العلمية وابرز المتخصصين في هذا المحال من طول غربية عدة ويستعرض بعض مؤلفاتهم المترجمة والتي كتبت بلغتهم الاصلية .

كما يعرض في واحد من فصوله تجربة السباعي نفسه في نقاش بعض المستشرقين في مراكزهم الجامعية وقد زارهم في بلدان غربية مختلفة ، ما اثار إعجابي هنا هو حجم الذي تكلفه الاسباني للقاء المستشرقين ونقاش بعض افكارهم وتصحيح بعض أخطائهم وتجاوزاتهم التي عملت على تشويه صورتنا لديهم مما انعكس هذا بالضرورة على كتاباتهم .

لقد شعرت على مستوى الصدق والجدية التي يمارسها السباعي وهو جانب من الموضوعية التي يظفر بها المفكرون والمناضلون والكتاب النابهون .

خطأ منهجي هو ذلك الذي مارسه بعض الكتاب العرب عندما اكتفوا بكتابات المستشرقين كمراجع لفهم الاسلام والتاريخ العربي دون العودة الى المنابع الاصلية والمراجع الأصيلة ومحاولة فهم المواقف التاريخية على حالتها الطبيعية دون تحليل او تفسير قد يحيد بفعل المفاهيم الاستباقية والأهواء وخدمة الاهداف المبطنة .

لا ينكر السباعي ان بعض المستشرقة والباحثين في علوم العرب والمسلمين له من الموضوعية والصدق ما يكفيه وهذا جعل البعض منهم يدخل الى الاسلام عن قناعة وبصيرة وجعل البعض منهم ينتج مكتوبات غاية في الوضوح والإنصاف حول هذا الدين وعلوم السرق الناضجة .

السباعي على نفس وتيرته من الدفاع عن هذا الدين العظيم وتطهيره من اخطاء اهله والناقمين عليه .

مصطفى السباعي - صفحات من جهاد متواصل



مصطفى السباعي - صفحات من جهاد متواصل

ما أروع سيرة هذا الإنسان وما أعظم كفاحه في سبيل اهدافه لخدمة هذا الدين وإعلاء كلمة الله ورسوله ويجعل كلمة الباطل هي الدنيا وما اصدق حرفه وأرق عبارته وهو يكتبها بحماس وحرارة لم تبرد حتى اللحظة رغم السنين الطويلة التي مضت من عمر الحبر الذي كتب به كلماته المنتصرة للحق والمدافعة عن حياض الدين .

لقد أبكاني في واحدة من خطبه التي دونت بعد وفاته بمناسبة ذكرى معركة بدر في ليلة من ليالي رمضان المشهودة ، انه كاتب بارع ومثقف موسوعي ويشتعل حماسة للدين وخطيب مفوه يجذب القلوب قبل الأسماع وكأنني به يخطب فينا وهو مسجى في قبره ولكنها الكلمة الصادقة التي تسري فيها الحياة ويمضي صداها مجلجلاً في الأجيال .

هو ليس من صنف الرجال القوالين بالكلام دون فعال تصدقها حيث لم يتأخر عن الجهاد في سبيل تحرير الارض الفلسطينية من قبضة الصهاينة في عام ٤٨ وشارك في جهادهم ودحرهم وتذوق مرارة الهزيمة التي عجنته باليقين الذي لا يقطعه شك حول جدوى الرؤية الاسلامية الأصيلة في خدمة القضية الفلسطينية .

ولانه وعاء الحضارة الاسلامية فقد ارتأى ما للتنظيمات الشبابية والخيرية والحركية من نفع عام لتأصيل الشعور بالغيرة لدى المسلمين سيما وهو يملك رؤية متكاملة لبناء الشخص المسلم فكرياً وروحياً وبدنياً وهذا ما يتضح في خطبه وكتاباته .

معرفتي بالسباعي قليلة خاصة عبر كتاباته ، لكنني اسمع كثيراً عن عبقريته وعمق تفكيره وعلمه عبر كتابه الشهير " هكذا علمتني الحياة " الذي طالعت منه قطعاً متناثرة غير مستوف له ولكنني وقفت على جانب من كفاحه وجهاده واعرف اننا في زمن يضيق صدراً بأمثال هؤلاء الصادقين ممن بذل مهجته وصحته وماله في سبيل رسالته الانسانية .

لنقف وبقية من قرأ هذا الكتاب الصغير الذي ثمن بقيمة شخص هذا الانسان ، نقف على
صلته بالمرض وهو المحطة التي يلتقي فيها العظماء في خواتيم حياتهم حيث يدفعون فاتورة إهمال الجسد في سبيل الهدف مرضاً ينهكهم والما يستدعيهم لإيقاف الجهاد وكأن الراحة تطلبهم وقد فارقوها .

لم يلتفت للمرض الذي يطل عليه كل حين ليستبد به في النهاية ويوقف مسيرته ويعاقبه على نسيان شانه الخاص وانشغاله بالشأن العام بتعطيل جسده عن العمل وكف اعضائه عن الجهاد ويحوي صفحته الي حيث الآخرة .

لم ارتوي بعد من سيرة هذا العظيم المعاصر التي كتبها مختصرة مقتضبة الاستاذ محمد الاسطواني لتقع عيني مصادفة على كتاب اخر حول كفاحه في احد مكتبات جدة العروس ، ولنا لقاء بحول الله .

مقدمات حضارة الإسلام




مقدمات حضارة الاسلام

هذا المؤلف للكاتب العبقري السوري مصطفى السباعي ، وما أرق لغة أهل سوريا وطيب معدنهم ودماثة خلقهم وحسن معشرهم وما أقول عن تجربة واحتكاك ولكني قلته وقد عشت مع أدبائهم ومثقفيهم وعلمائهم في أفياء كتبهم وظلال أقلامهم وما الشيخ علي الطنطاوي عنا ببعيد وما الطف قلم هذا الإنسان ولو كتب أرقاماً وطلاسم وحروف ما لها رابط لاستطابت لقارئها وتذوق حلاوة فيها وفيما أظن ان قبول الانسان في السماء والارض جعل لحرفه قبولا في الاذهان والأذواق ولا نزكي أحداً .

الكتاب مقالات صحفية كتبها السباعي للصحيفة التي يديرها " حضارة الاسلام " وهو مولع بالمسألة الحضارية التي صنعها الاسلام واستحدثها في تاريخ البشرية وقد قرأت له فيما سبق كتابا مستقلاً في هذا الشأن وكم هو جميل لو تفرد كل مفكر وعالم مسلم لاستخراج جانب من عظمة هذا الدين وإضاءة حيز من مساحاته المليئة بالفضائل والشوائب .

المقالات تنوعت حسب الاوقات والاحداث التي وافقت وهذه عادة الصحف الدورية ولكن يظهر من المقالات احتفال السباعي بذكرى المولد النبوي وعدم تفويت فرصة موافقة تاريخها للتذكير بشمائل هذا النبي وخيريته للبشرية والأثر الذي ابقاه لامته وكم أعجبني قوله ان المسلمين فقدوا القدرة على الاستفادة من سيرة النبي الكريم بسبب الإلف والاعتياد على ذكره وأثره وهنا اتفق معه في التأكيد على عرض سيرته بطرق معاصرة متجددة ونابهة لتجديد ذكراه وتقريبها الى النفوس حتى تنتفع كثيراً بهذه العظمة الانسانية .

كما احتفل السباعي كثيراً بكلمة " الحرية والكرامة " واعتبرها من اعظم مقاصد الشريعة ومطالب البشرية وكانه يحدثنا بقلم غض طري من نبت اليوم حيث اصبحت هذه المعاني والمطالب اكثر الحاحاً في عالمنا العربي وشعوبنا المسلمة .

ولو ان الحكام تنبهوا لهذه المطامح الانسانية لشعوبها لحصل للمسلمين التمكين في الارض والخيرية والسعادة لهم ولكن الله حسبنا فيمن اذاقنا اضدادها ولم يتبع احسن القول .

كتاب ليس بالبالغ اثره فهو من جنس اللغة الصحفية التي تتخفف من الأفكار العظيمة والمعقدة وتكتب بلغة يومية متساهلة أتممت قراءته بتاريخ ١٣ / ١٠ / ١٤٣٢ .

الديمقراطية وحقوق الإنسان



الديمقراطية وحقوق الإنسان

كثير من المفكرين والكتاب - وأعني من قرأت لهم - حاولوا تأصيل فكرة الديمقراطية وحقوق الإنسان في المرجعية الإسلامية أو الثقافة العربية والإسلامية لكن محاولاتهم لم تكن بهذا العمق والمكنةةالتي تميز بها الطالبي في هذا الكتاب .

وهنا يتضح فارق القدرات المعرفية والعقلية التي يمتلكها الجابري مما منح كتابه وحديثه عن الديمقراطية في مرجعيتنا لها من المصداقية والعمق ما لها .

لقد وجدته مدافعاً عن ثقافتنا وأسبقيتنا ومثالية ثقافتنا سيما الملتصقة بفهم صحيح للإسلام ، بخلاف الصورة الذهنية التي عرفتها عنه من شديد عدائه للدين واستخفافه بالثوابت كما حاول البعض ترويج هذا .
وقد يكون في مؤلفات أخرى له شيء من هذا لكن الوقت ما زال أمامنا لمعرفة ذلك والوقوف عليه .

ص ١٦ يحاول الجابري أن يخفف من الصورة المشوهة لمنظومة حقوق الإنسان وأنها نتاج الفكر العلماني واثبت عبر مجموعة من الأمثلة والاستدلال ببعض منقولات ومقولات رموز التنوير الغربي التي تصور احترامهم للدين وهجومهم على التقاليد الكنسية وليس الدين ذاته .

وأقول إذا نفى الغرب ورموزه التنويريين الحاجة إلى الدين - وهذا جلي - فلا يحط هذا من قدر حقوق الإنسان إذ هي مجرد نظام حكمي يتقولب حسب المحتمع الذي تعيش فيه .

في ص ١٨ يحاول الجابري أن يوجد تبريرات عقلية وتاريخية لتبديل بعض الأحكام الثابتة بنصوص قطعية تخص المرأة مثل الميراث والشهادة والطلاق وغيرها ، وكان واضحاً التعنت الكبير واستجداء النصوص ليستقر في صدري أن لنا خصوصية فيما يخص حقوق الإنسان الذي يحاول الجابري نفيها وإقناعنا للانخراط في الحالة العالمية لهذه الحقوق .

ولا يضيرنا أن نختلف مع العالم في بعض جوانب حقوق الأنسان اذا كانت ثوابتنا تقول بذلك سيما إذا عملت حكوماتنا على احترام الحقوق الأصيلة وهذا أقل ما نطمح إليه في مجتمعاتنا العربية ثم لن يضرنا الاختلاف في بعض جزئيات الأحكام .

ص ٢٥ لقد وجدت الجابري مدافعاً عن دعوى المساواة التي رفعها القرآن أكثر من أعلام الغيرة على الدين وحياضه وقد تفوق الجابري بفضيلة النبوغ العلمي ولغته العميقة التي جعلته يتناول النصوص بطريقة مميزة ويثبت غير المعاني التي كرسها بعض المفسرين نصرة للعادات وليس للقرآن ولو كانوا على حسن نية .

قرأت نصف الكتاب في " الديرة " ثم أتممته في مدينة خميس مشيط في رحلة العيد الترفيهية برفقة مجموعة من أحباب القلب .

كيف نفهم الإسلام ؟



" كيف نفهم الإسلام ؟ "

كتاب بديع وماتع وموضوعي يعالج قضايا الأمة التي شوهت صورة الإسلام في أذهان أبنائه قبل غيرهم من أمم الأرض الذين يلزمنا حيالهم جهد واسع لدعوتهم وتبصيرهم بحقيقة هذه الشريعة الربانية الانسانية الراقية انه الاسلام الذي لا مثيل له في الديانات السماوية وللوضعية وقد جمع محاسنها واطايبها ونفى عنه عيوبها وتشددها وتفلتها حتى اصبح الدين الجامع للفضائل المستوفي للمحاسن والمستوعب للخير والبر وكل ما يعين الانسانية على العيش المتسامح الرغد السعيد ولا يكون كل هذا الا بفهم سليم صحيح لهذا الدين الذي ما عابه ولا أدواه إلا الفهم السقيم والعقل السطحي والأهواء المتناحرة والقلوب المتنافرة .

يتنقل بك الغزالي بين موضوعات سياسية وتربوية واجتماعية ودينية وهكذا الاسلام لا ينفصل عن جانب من جوانب حياتنا ويشير ينصحه وحكمه ورؤيته في كل ما يتصل بالحياة والإنسان ليضمن له اتصالا فاعلا بربه وعلاقة بناءة مع بني جنسه واستثماراً ناجحا لارضه .

لقد أبطل بعض العلماء منفعة العلم الديني بعد تجريده من الدنيا وكأن الدين وعلومه الشرعية لا يشتغل بتحسين الدنيا ، وهذا غلط في الفهوم التي تناولت التعليم الديني لأنها اعتقدت ان الدين لا يعني الا بالآخرة ويدعو الى الانقطاع عن الدنيا وعمارتها وتحقيق مصالح العباد فيها وهذا والله افتراء على الدين .

ولم ينسى الغزالي ان يتحدث الأخطاء التي وقع فيها المسلمون فيما يخص قضايا الحكم وإمارة المسلمين والعيبات التي لحقت بتاريخها السياسي لتسويغ علماء السلطان ولكنه انصف - كعادته - بذكر نماذج من اصحاب كلمة الحق في وجوه طغاة السلاطين ممن زينوا تاريخنا لمواقفهم البطولية ولكن ما يؤسفنا ان صوتهم انخفض وسط ضجيج العلماء الفاسدين .

تطرق الغزالي لمواضيع عدة لو تناولناها بفهم سليم وبصيرة سأعيدها الى مصاف التقدم والتحديث مثل ضرورة الاجتهاد والتجديد وتصحيح النظام التربوي والاهتمام بروابط الأخوة والوحدة الاسلامية وتجاوز الخلاف المذهبي المصطنع .

أتممت قراءة الكتاب في ثالث أيام عيد الفطر المبارك لعام ١٤٣٢ .

من حرك قطعة الجبن الخاصة بي ؟



من حرك قطعة الجبن الخاصة بي ؟

التغيير أكثر الأشياء التي يشتغل عليها الناس دراسة ودراية وبحثاً وتطبيقاً وممارسة ، سيما في عالمنا العربي التي تطمح شعوبه إلى نيل حظها من التطور والتنمية والعيش في حياة كريمة عزيزة ومطامح كبار ومغانم عظام اتخذوا التغيير طريقاً إليها ولو كلفهم ذلك الدماء والأموال والأنفس والمشقة والجهد .

ها هي رياح التغيير تسقط مبارك المصري وزين التونسي وتقترب من سقوط صالح اليمن وأسد سوريا ومعمر ليبيا وهم على خلاف أسمائهم وأضداد معانيها ، وما فات على أقلام الفكر والتنوير والتنمية والتطوير أن تشير إلى الشعوب العربية أننا نحتاج إلى ثورات من التغيير على الصعيد الشخصي كذلك التغيير الذي يسري في أنظمة الحكم والقيادات .

وهذا الكتاب الإنجليزي المترجم قصة قصيرة تجمع بين فأرين لهما من العقل والرشد والبصيرة نصيب وافر وبين رجلين أحدهما متواكل لا يحب التغيير ويخشى آثاره وعواقبه ويرضى بالحال التي يعيشها حتى لو كانت أسوأ من الممكن ، فكيف به يقوم بالتغيير وهو بائس يائس متقاعس لا يقوى على دفع ثمن التغيير من الجهد والمشقة والعناء وتبدل الحال وضبابية المآل .

أما متوكل الذي يدرك حاجته للتغيير ولو بعد حين لكنه لم يركن إلى أفكاره القديمة وتصوراته الفاسدة التي أبقته في تأخره فقد أخذ بزمام الحكمة وألجم نفسه الكسولة عن التغيير وبدأ يخطو باتجاه ما صنع الفأران الراشدان اللذان لم يغب بالهما أن الحال لا يدوم وأن التغيير سبيل الديمومة والاستمرار وأن في المستقبل دائماً شيء أفضل وأغزر خيراً وأكثر بشراً مما هم عليه إذا أخذوا بالتغيير .


ها هو متوكل يظفر بجائزة التغيير بعد اتخاذ القرار المصيري بالتحرك وأخذ يكتب في كل منعطف صادف طريقه نحو التغيير توصياته لصديقه الذي يعتقد أنه سيلحق به سيما وأنه سمع صوتاً خافتاً يبدو أنه : وقع أقدام صديقه القادم إلى التغيير .

القصة أحدوثة واحد من الأصدقاء ضمن جلسة غداء حميمة لكاتب انجليزي اسمه سنبنسر جونسون وهو جدير بالقراءة .

ميراث الصمت والملكوت



ميراث الصمت والملكوت

وصلتني رسالة جوال من صديقي الشيخ علي عبد الهادي الحسناني يشير لي باقتناء هذا الكتاب للشيخ عبد الله بن عبد العزيز الهدلق ولم يمهلني الشغف كثيراً لأبادر إلى السوق الإلكترونية التي أذهبت بالصعب ويسرت المستحيل وحصلت عليه وباشرت في قراءته بعد يومين من تنزيله في واحدة من مساءات شهر رمضان المبارك الفضيل .

وما إن شرعت في قراءة مقدمة الكتاب الذي يقع في 180 صفحة حتى لهجت بالدعاء لصديقي الحسناني على حسن الاختيار والإشارة لي بقراءة هذا المؤلف الذي اتضح على كاتبه حجم الثقافة التي يملكها في شتى الفنون والمعارف بفضل القراءة التي تعشقها منذ صغره ومرافقته لعلامة الجزيرة العربية حمد الجاسر والشيخ بكر أبو زيد وشغفه بالاطلاع ومعانقة الكتب وصحائف المعرفة والبيان .

قرأت مقالة حول هذا الكتاب لأحد الكتاب ولكن لم يتطرق لأهم مقالات الكتاب وهو نقده المتسامح مع السلفية التقليدية وحاجتها للتجديد والانسجام مع الروح المتنورة والانفتاح الحادث في الحراك الفكري والثقافي الدائر في عالمنا الصغير ومقالته حول السلفية أو المجتمع المدني من أنفع المقالات التي اتسمت بكثير من الجرأة وتحدث فيما يحتاج إليه السلفييون حقيقة هذه الأيام ورغم اعتذاره المبطن في نهاية المقالة واعتبار نفسه أحد تلاميذ هذه المدرسة كنوع من تقزيم جرأته في دخول حمى الموضوع .

وبعد ذلك ينتقل بك الكاتب في حديث رائع وشائق حول طائفة من الموضوعات مثل السير الذاتية والترجمات وبعض خفايا العلماء ووصايا النبهاء ، والكتاب في مجمله مقالات متفرقة كتبها في أوقات غير منتظمة ولكنها تبين قدرات الكاتب الأدبية والبلاغية ووسيع معرفته واطلاع وثراء ثقافته وإني أغبطك شيخنا الهدلق على هذه الإمكانات التي صنعتها بالانقطاع إلى الصمت والتحليق في سماوات الملكوت الرحبة .

الدليل العقلي عند السلف



الدليل العقلي عند السلف

الورقية الفكرية الثالثة التي يصدرها مركز التأصيل للدراسات والبحوث تحت هذا العنوان وهذه المرة للكاتب عبد الرحمن بن سعد الشهري حول موضوع غاية في الحساسية ويقوم عليه عدد من الخلافات الفقهية والاعتقادية والفكرية الشهيرة في تاريخ الإسلام وحاضره .

كان العنوان دقيقاً حيث لم يتناول مسألة العقل ككينونة منفردة ومستقلة ولكن عن واحدة من ملحقات هذا الكائن وهو الدليل المستند إليه وموقعه من السلف .

في بداية المؤلف الصغير تحدث عن السلف وتعريفهم وركّز على جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - على اعتبار أنهم صفوة السلف ومبتدؤ هذا الوصف بعد رحيل النبي الكريم - صلوات ربي وسلامه عليه - رغم أن الذهن العصري يتصور السلف على أنهم التابعين الذي عاشوا في الطبقة التالية لعهد الصحابة لأنهم أكثر اشتغالاًبالعلم والتنظيم الفقهي الدقيق أكثر من صحابة رسول الله .

وأراد الكاتب عبر هذه المقدمة أن يؤكد دور الصحابة أو ( السلف ) في القرار الفقهي وتأثيرهم في بناء الفتوى وفهمهم للنصوص لأسباب عدها ذكرت في المقدمة .

ثم درج على تعريف الدليل العقلي وابتدأ بتعريف العقل أولاً كأداة لم يصطلح العلماء والفقهاء والمفكرون والمعينيون بشأنه على تعريف واضح ومستقر له وهذا ما يقلل من فعاليته في بناء الفهم الفقهي للنصوص وتخريج الفتاوى ويضعف من جدواه في التوظيف الفكري في قضايا الأمة .

ثم ولج إلى مضمون الكتاب وهو استعمال السلف للدليل العقلي وانطلق هذا القسم من تعظيم السلف للكتاب والسنة كمصدرين أساسيين في التشريع والاحتكام ثم ذكر أمثلة لاستخدام السلف وجهابذة الفقه الإسلامي للدليل العقلي في جوانب مختلفة للمعتقد والفقه والمناظرات الكلامية وغير ذلك من فنون العلوم الشرعية وأكد أن السلف لم يكن لديهم بأس في استخدام الدليل العقلي بشروطهم الخاصة التي يتصدرها تموقع التشريف والتكريم والتقديم للكتاب والسنة - أبقاهما الله ما بقيت الدنيا - .

ثم تطرق الكاتب في مبحث آخر من هذا الكتاب إلى علاقة العقل والنقل لدى السلف ويفتتح هذا المبحث بالجانب الذي لا يعزب عن تأكيده وتأييده وهو التسليم المطلق لنص الكتاب والسنة وكأنه يريد أن يدلنا على الحساسية الكبيرة لدى المنتسبين للمذهب السلفي من شأن العقل ودلالاته وصلاحياته وأشار بعد ذلك إلى بعض الجوانب التي تظهر تصالح العقل مع النقل وأن مسألة تناقضهما لا تصح إلى في حالات معينة لا تغض من شأن العقل ولا تعطل سلطة النص مثل تضمن الأدلة النقلية للأدلة العقلية .

وهذا المؤلف اللطيف فيه اختصار للحالة التاريخية التي يشهدها الفكر الإسلامي حول صلاحيات النقل والعقل وموقعهما من التأثير والتقرير وفيه مشهد للتراجع الملفت لنظرة السلفيين نحو العقل ودوره في التشريع والتحكيم ولكنها ما زالت نظرة حذرة وآخذة بالاحتياط والريبة وهذا ما يؤخر الاستفادة الحقيقة من ثمرات هذه الأداة الربانية العظيمة والآية الإلهية الفاخرة .

أتممت قراءة الكتاب في ثالث مساءات شهر رمضان المبارك من عام 1432 هـ .

الاستقلال الحضاري






الاستقلال الحضاري

الكتاب لرائد العقلانية الإسلامية والداعي لبعثها من جديد في عصرنا الحاضر المفكر المصري الدكتور محمد عمارة ويتناول فيه حاجتنا إلى الاستقلال الحضاري كحاجة ماسة نحو النهضة الشاملة لأمتنا العربية والإسلامية وهكذا يسميها عمارة في كتابه مع شديد تعصبه للفكرة العربية وتمثيله بالعصر المملوكي والعثماني الذي أساء إلى عالمنا وكان سبباً أصيلاً في فواتنا الحضاري كما يقول .

يريد عمارة من كتابه أن يؤرخ للفرق والمذاهب الفكرية التي صنعت التجديد في روح المسلمين وأعادتها إلى مرتكزاتها الربانية من كتاب وسنة سيما الوهابية التي وصمها بالنصوصية التقليدية وتجهمها للانفتاح والروح الحضارية ثم الدعوة السنوسية التي كانت أقل تقليدية وفعلت الجانب المتصوف والروحي الذي يقترب من النموذج الحضاري المنفتح ثم المهدية التي كان فيها بعض الخطأ والتجاوز .

ولن تنتهي بك قراءة هذا الكتاب الناضج دون أن تغلبك فكرة حول جدوى المدرسة التجديدية التي يقودها محمد عبده والطهطاوي والأفغاني والكواكبي التي أخذت من السلفية ودعواتها المختلفة امتثالها لأمر الكتاب والسنة كمرتكزات تنطلق منها الأمة في طريقها للبعث الحضاري وانسيابها مع الروح الحضارية المنفتحة تجاه الحضارات الأخرى للأخذ بمنافعها والانتفاع بخيراتها سيما في العلوم الطبيعية والدنيوية التي تفتق العقل وتصنع الشخصية المستقلة وتعين على حياة كريمة تستقوي فيها الأمة وتنفض غبار التخلف والعار والتقهقر التي عانته سنيّ طويلة بسبب التقليد الأعمى والتقليدية الفجة والالتزام المبالغ .

ثم ختم الكاتب مؤلفه بمنوذج لأحد المؤسسات الدينية وتعاملها مع موجة التغريب واستلاب الأمة نحو واحدة من الحضارات الإنسانية وحرمانها من الاستقلال الذي يهيئ لها الموقع النفيس بين الشعوب البشرية والحق في تعميم قيمها ومبادئها والشراكة في صناعة المستقبل وبناء الحاضر بمنتجات عقول أبناء المسلمين .

وذكر الكاتب الدور الفعّال الذي يقوم به الأزهر الشريف في الحفاظ على أركان الأمة من عروبتها ووسطيتها وعقيدتها الوحدانية الأصيلة ، ولكنه عاب بعض الشيء على الأزهر عندما حاول أن ينكفأ على نفسه ولا يتفاعل مع الوافد الغربي حتى عمل بعض المتنورين على التخفيف من شدة الانغلاق الذي كان يمارسه الأزهر واستجاب لذلك أخيراً وساعد هذا في التخفيف من عيوب الانكفاء على الذات وتحقيق الاستقلال الحضاري بأخذ خيرات الأمم الأخرى وتمحيص الوافد للانتفاع بإيجابياته والامتناع عن مساوئه .

وتبقى المدرسة التجديدية التي لا تغالي في الانغلاق ولا تتفلت من موروثها الأصيل هي الأنفع لتحقيق الاستقلال الحضاري الأمثل لأمتنا العربية والإسلامية .

أتممت قراءة الكتاب أولى ثاني ليالي شهر الله العظيم رمضان المبارك من عام 1432 هـ .

التحولات الفكرية



التحولات الفكرية

هو واحد من الأوراق الفكرية التي يطبعها مركز التأصيل للدراسات والبحوث للدكتور حسن بن محمد الأسمري تحدث فيها عن موضوع التحولات الفكرية والتقلبات الموضوعية في الحراك الثقافي والفلسفي في مجتمعاتنا المسلمة وإن كان الكتاب ينحرف عن فكرته في بعض المواضع لكنه أراد أن يقول في النهاية أن الأفكار والتوجهات التي تأخذ خطاً مغايراً عن الفكرة السلفية والمتدينة لا تعتبر من التوجهات السليمة والحسنة .

ذكر الكاتب في البداية أن زيادة العلم سبب في التحول نحو الأسوأ والانتقال من منطقة التوجهات الحسنة والسليمة إلى الأخرى الخاطئة والسلبية في زاوية " ثنائية العلم والجهل " .

ولا أعرف كيف اعتبر الكاتب أن زيادة العلم والتعبّي من المعارف قد ينحرف بالإنسان إلى السوء ويجرّه إلى الشر واستخدم آيات قرآنية أكدت أن كثيراً من الأمم أصابتها الفرقة والشتات بعد تلقيهم العلم من الله - عز وجل - أو من الرسل الكرام - عليهم السلام - .

كما ذكر الكاتب أن الفضاء الإعلامي المفتوح يهيأ للتقلبات الفكرية نحو الأسوأ رغم أن العالم المفتوح بفضل وسائل الإعلام الحديثة أعطى فرصة كبيرة للحقيقة أن تظهر وشارك الإعلام في تصحيح بعض التوجهات الفكرية وبيان عوار بعضها وما زال الإسلام يتجلى بإشراقته وجاذبيته كل يوم بفضل الانفتاح الإعلامي الكبير .

أما إذا كان الإعلام سبب كبير في الانفلات الأخلاقي الذي يعيشه العالم أجمع - والمجتمع الإسلامي جزء منه - فهذا صحيح لكن لا علاقة له بالشأن الفكري ، وهذا ما يميل إليه الكاتب في مؤلفه أكثر من إبقاء النقاش والكلام في حيز الفكر والثقافة .

ذكر الكاتب أن أول التحولات الفكرية نحو " الأسوأ " هو توجه البعض من الفكرة الإسلامية إلى الإنسانية واعتبر انتقاد المؤسسات الدينية ونقاش الحالة الاجتماعية سيما ما يتعلق بالمرأة ونقد الدعاة والجماعات الدعوية من أمثلة هذا التحول رغم أنه تطور مطلوب وإيجابي في التشريع الفقهي والحراك الثقافي والفكري الإسلامي كما أعتقد .

ثم تحول إلى التقلبات الثانية وهي الانتقال من التعبد إلى التخلق ومن أمثلة ذلك الاهتمام الشديد في الحراك العصري بمفهومي التسامح و التيسير رغم أنهما مبدآن أصيلان في الدين الإسلامي ووجودهما في هذا العصر أكثر فاعلية وجدوى من غيرهما في ظل الهجمة الظالمة على الشريعة الإسلامية ومن يعتنقها ولا أعرف لماذا اعتبرها الدكتور الأسمري تحولاً نحو الأسوأ .

ثم ذكر التحول ( من السنة إلى البدعة ) والتحول ( من النشاط إلى الفتور ) والتحول ( من المروءة إلى الإمعية ) وهي حالات اجتماعية ولا علاقة لها بالجانب الفكري والفلسفي وهو ما أكده الكاتب وإن حاول منطقتها وإدماجها في الجانب الفكري بطريقة أو بأخرى بغض النظر عن بعض أفكاره فيها .

أتممت قراءة هذا الكتاب يوم الخميس 13 / 8 / 1432 هـ وهو كتاب بسيط ولغته سهلة .

كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس



كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس

الكتاب للمؤلف العبقري ديل كارنجي صاحب الكتاب الشهير " دع القلق وابدأ الحياة " ولم ينس أن يضخ في هذا الكتاب بعض لمساته الساحرة في الإدارة النفسية وتمليك الإنسان الأدوات المؤهلة لعيش حياة سعيدة ومميزة تمتلأ بالصداقات الفاعلة وتحقق للإنسان أهدافة العظيمة عبر تحويل العلاقات إلى روابط عمل وخلايا نحل .

قسّم كارنجي كتابه إلى عدد من جوانب الحياة التي يحتاج فيها الإنسان إلى تحسين علاقاته وتوظيف معارفه التي يمتلأ بها الكتاب لتحقيق مصالحه وأهدافه ، وإن كان كارنجي حشا الكتاب بالقصص والوقائع التي تختلف بين مناسبتها للموقف ومتعتها .

كل ما ذكره كارنجي في كتابه معروف لدى البشرية إلم تكن تستعمله في أغلب علاقاتها مثل الابتسامة والتعامل بلطافة عالية والاهتمام بذكر أسماء الأشخاص الذين تقصدهم وترك مساحة للحديثهم وإبداء الاهتمام بقضاياهم ورعاية مقاماتهم وإعطاء الفرصة لتبادل الثقة ، وذكر ديل نفسه ذلك وأكّد أن المعلومات التي يقولها لن تكون جديدة ولكنها تحتاج إلى حفنة من التفعيل والعمل المباشر بها كما أن قراءة كتابه لن تعود بفائدة على شخص إذا لم يكن واثقاً من تصميمه على تنفيذ وصاياه وتفعيل مبادئه .

أشياء بسيطة ولا تكلف تعباً ولا خسائر كبيرة يمكننا عملها بسهولة متناهية لنكتشف حجم المكاسب التي نتحصل عليها ونلمس الفرق الكبير الذي سنعيشه بعد ذلك ، ولكن القليل جداً من يتنبه لهذه الأسرار
وراء علاقات متينة وصداقات مثمرة وفوائد جمة .

تاريخ التشريع الإسلامي



تاريخ التشريع الإسلامي

كل أمة تستطيع أن تكتب تاريخها وتعيد قراءته من زوايا مختلفة هي أوجه النشاط الإنساني مثل الجانب السياسي والفني والصناعي والأدبي ، ونحن المسملون نتميز بجانب نتفرد به عن بقية الأمم والحضارات وهو قراءة وكتابة تاريخنا من الجانب التشريعي والفقه الإسلامي ذلك لأن الدين من أعظم مكونات تركيباتنا الاجتماعية والسياسية والتاريخية .

هذا الكتاب الذي لفت انتباهي ضمن مبيعات مكتبة الشنقيطي في مدينة جدة للعالم المصري الشيخ محمد الخضري بك ، لأنني مهتم بمعرفة تاريخ تشريعنا الإسلامي وما هي المراحل التي انتهت به إلى هذه النقطة من الجمود ، وما الأسباب والأسرار والمفاصل التي صنعت تاريخنا التشريعي وتركت بعض آثارها في عقول الفقهاء وصناعة الفتوى وبناء التركيبة التشريعية الإسلامية .

يجول بك الكاتب بكل سلاسة واسترسال ودسامة في المعلومات وإلمام كافي بالقضية التشريعية وكل ملابساتها وتفاصيلها بعد أن قام بتقسيم مراحل التاريخ التشريعي منذ بدء الرسالة المحمدية ومروراً بعهد الخلافة الإسلامية الراشدة إلى العهد الملكي في كل أعقابه الأموي والعباسي والعثماني وانتهاء بعهد الضعف والتخلف والأسباب التي أدت إليه .

كما عمل الكاتب على تأريخ أهم الفقهاء والمشرعين في كل المراحل والأعصار سواء في الفقه السني أو شقيقه الشيعي باعتدال وموضوعية .

الكتاب شيّق وبسيط وسهل في قراءته وفهم تفاصيله ولم يطرح الكاتب رأيه في خطأ بعض التوجهات وصوابها ولم يتناول أي توصيات تخص الفقهاء بغرض ترقية الأداء التشريعي والفقهي ليتناسب مع حالة العصر المتغير بسرعة مذهلة ولم يبذل جهداً كبيراً في نصح رجالات الدين والفكر والفلسفة لاحتواء الأزمة السياسية وتقليد زمام الأمور لمن يستحقها في شأن قيادة الأمة إلى النهضة من جديد .

تأملات في الإنسان



تأملات في الإنسان

وجدت وصفاً للكاتب رجاء النقاش الذي خط بأنامله هذا الكتاب الرائع والماتع وهو وصف " الكاتب العبقري " وليس من وصف يليق به أكثر تعبيراً من هذا ، فلا يستطيع مخلوق أن يقرأ كتابه وتأملاته في الإنسان ثم لا يشعر بهذه العبقرية العميقة التي تمتع بها الكاتب في كل فصول الكتاب وفهمه الغائز لأسرار النفس والكون والحياة .

الهاربون من الحياة والمتميزون فيها وقدر التحدي ومحاولات إسقاطهم والغارقون في الملذات وحديث الحب القليل حيث يفعل الكثير وكل ما يمكن أن يصيب الإنسان بالقصور والتشظي والألم والحسرات وفي المقابل ما يشعر به الإنسان بحب الطبيعة والحياة وكل دابة تمشي على ظهرها وحبه لذاته إلى درجة يحب معها كل ما يمت لها بصلة .

كتاب رائع يصور لك المشاعر الإنسانية الغارقة في الألم وما يقابها من الشعور البارع بالأمل وحب الحياة وتعشق هذا الكون بطبيعته وكائناته وقيمه .

الحب وما أدراك ما الحب ، وما هم الصنف الذي يرى الحب في كل زاوية من الحياة وفي كل جانب من الكون فهو يتبادله حتى مع التراب الذي يشعر معه بالانتماء وأصل الخلقة ومنبت الإنسان ، والحقد الدفين الذي يحرك نوازع الشر ويدفع الإنسان ليتخلى عن آدميته الوادعة ولطافته الساكنة ليصبح أعتى من وحوش الغاب وأشرس من شياطين الجن وأبلس من إبليس نفسه .

كل شيء يمكن أن تفهم سره في هذه الحياة والدافع له إذا ما قرأت هذا الكتاب العبقري المسكون بعصارات الخبرة الطويلة التي سكبها عظماء الإنسان ورجالات التاريخ ممن حولوا تجاربهم إلى قوالب إنسانية عامة وأشكال نمطية تعبر عن الإنسان في كل حالاته الراشدة والمتهيجة .

ستشعر بقيمة القراءة عندما تختصر الإنسان في بعض صفحات هذا الكتاب ، ستلمس قيمة الوقت الذي تجلس فيه ممسكاً بدفتي كتاب عظيم يبسط لك النفس البشرية المعقدة وستعرف أننا عندما نقرأ وكأننا نصنع الحياة بأنفسنا .

كتاب عبقري قرأته في نسخته الإلكترونية ولو أنني كتبت عنه حال انتهائي من قراءته لكتبت في حقه ملخصاُ أكثر إنصافاً من هذا الشتات من التعبيرات .

حقوق الزوجين



حقوق الزوجين

عودة إلى القراءة في أروقة جامعتي الحبيبة جامعة الملك عبد العزيز بمدينة جدة العائمة في أحضان البحر الأحمر وفي مؤلفات المؤمن بفكرة الحاكمية الإسلامية الشيخ / أبو الأعلى المودودي .

انتصر المودودي في هذا الكتاب للمرأة بجرأة بالغة وطالب أن تتبدل القوانين الموضوعة في رباط الأسرة حتى تلك التي سميت عبثاً بقوانين إسلامية مستخرجة من الأصول الكتابية والنبوية وهي لا تحقق مقاصد الشريعة وتنقض الأغراض النبيلة التي أرادها الله - عز وجل - من وراء الزواج ومن وراء هذا الرباط المقدس الوثيق .

وقد هاجم المودودي وضّاعي ما يسمى بالقوانين المحمدية في بلاد الهند قبل استغلالها عن الباكستان وأنها عملت على أيدي الإنجليز الذي لا يفهمون مرادات الدين الإسلامي ولا الأصول التي يقف عليها مما جعل القانون الموضوع لا يحقق السعادة الاجتماعية الكاملة ولا ينيل المسلمين الاستقرار الأسري مما عاد بالسلبية على القانون الإسلامي الأصيل وقد حاكموه إلى هذا القانون الموضوع .

ثم يبدأ المودودي بشرح نظرية الإسلام القانونية والفلسفية في وضع الأسرة والروابط القائمة بين الرجل والمرأة وحقوق كل منهما والواجبات المناطة بهما وشرح بشكل جليّ وواضح سلطات القضاء الشرعي السليم التي تعين بالفرض وإنفاذ الأحكام على إحداث الاستقرار الأسري وعلى إنالة المظلوم حقه وإقسار كل طرف على القيام بواجبه بدافع الرغبة وتحري الثواب أو بمحض القانون وخشية العقاب .

ولقد لمست كيف بأبي الأعلى يعيب على الفقهاء والعلماء ممن وسّع من سلطات الرجل وأكّد على حقه في زمام الطلاق والقوامة بينما يظلم المرأة ويحجّم من استقلالها وحقها في الخلع وطلب الانفصال رغم وضوح الأدلة وجلاء المرادات الدينية العظيمة والتوازن العجيب الذي جاءت بها الشريعة السمحة ولكن خطلاً في العقول وعرفاً سائداً وفاسداً حال دون أن تأخذ المرأة بحقها وأن يستأسد الرجل ولو كان ظالماً .

ليس لأحد من دعاة تحرير المرأة أن يفخر بانتصاره لقضايا المرأة إذا قرأ للمودودي هذا الكتاب الإنساني والشرعي والقانوني ليدرك أن واحداً من القيادات الإسلامية المعتبرة قد سبقهم إلى المطالبة بحق المرأة والانتصار لقضاياها وإعادة الحق إليها من سلطة المكابرين من الذكوريين الطافحين بإقصاء المرأة وظلمها .

قاربت على إتمام هذا الكتاب يوم الإثنين 3 / 8 / 1432 هـ

رسالة حول الخلافة وحكم الله



رسالة حول الخلافة وحكم الله

كتاب إلكتروني قمت بتنزيله من موقع مميز للكتب الفكرية والفلسفية والأدبية العربية كتبه شخص اسمه " ابن قرناس " ولم يسبق لهذا الاسم أن مرّ بي .

حاول الكاتب أن يسقط شرعية بعض الأحاديث المنسوبة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبدأ في نقد حاد للمنادين بالخلافة الإسلامية وأخذ في عرض أفكارهم ومببرراتهم ليظهر فيها حجم التناقض والتضاد الذي لا يعبر عن جديتها وعدالة المطالبة بعودة الخلافة .

ما أدركته حقيقة أن خلافة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - لم تكن دولة نظام أو قانون أو دستور ولكنها دولة لأشخاص ، ولأن أبا بكر وعمر كانا عدلين أخذت الدولة هذه الصفة منهما ، وهذا جزء من المشكلة حيث لا يمكن أن يتكرر العدل في أشخاص الملوك والحكام دائماً .

ورغم الازدهار والعدل والتنمية التي شهدتها التجارب السلطانية الإسلامية على مرّ التاريخ إلا أنها كانت تتأثر بعدالة السلاطين والحكام وبمدى ضلالهم وفسقهم وهذا ما يجعل الحالة العدلية والتنموية في تراقص وتذبذب بين عهد سلطاني وآخر .

قد لا يكون ابن قرناس مصيباً دائماً في تجريد " العلماء " من حقهم في الشراكة التشريعية أو السياسية ولكننا نحبّذ لو أن العلماء تنبهوا لحساسية موقعهم وأعادوا ترتيب تعاملهم مع الحكومات التي يعملون لصالحها ولترسيخ أقادمها حتى لو كانت فاسقة وظالمة .

وبرغم النقد الشديد الذي وجهه ابن قرناس للعلماء في كتابه ودورهم الأصيل في تمدد الظلم والفساد في الحكومات الإسلامية المتعاقبة إلا أن نفراً منهم كان حراً وعدلاً ومستقلاً وكأنه أحد المنادين في أيامنا هذه بالديقراطية وحق الشعوب ، وربما خسر العلماء والأدباء في بعض مفاصل تاريخنا الإسلامي حتى أرواحهم في سبيل كلمة حق في وجه سلطان جائر .

ليس القضية موقع السنة الشريفة والأحاديث النبوية من التشريع وتأثيرها في اتخاذ القرار العلمي - نسبة إلى العلماء - ولكن شكل التعامل بدقة عالية وحساسية رفيعة مع أصح الصحيح وأكثره تواؤماً مع توجه الإسلام الواضح نحو رفاه الإنسان واستقرار العيش ونماء الحياة .

العقل العربي


العقل العربي

كتاب رائع لكاتب إنجليزي اسمه رافائيل باتاي ترجمه الأستاذ علي الحارس وقد قرأته في نسخته الإلكترونية وتحدث عن مجموع المعتقدات والمكونات التي تصوغ السلوك العربي وتتحكم في تصور الرجل العربي للحياة والأحداث وتعامله معها وهذا فيما يسميه بالعقل الجمعي بتحليل للمفهومين اللذين عنون بهما كتابه العقل والعرب .

ونحن في حاجة ماسة إلى أن يكتب عنا الآخرون ونقرأ لهم رأيهم في ثقافتنا وعقليتنا بعيداً عن التهم التي يوردها بعض الكتاب عن دورهم المستعربين والمستشرقين المخابراتي والعسكري والبحث عن ثغرات بلادنا لتغذية مخططات سياسييهم فنحن في إطار علمي وأدبي ميداننا الفكرة وساحة لقائنا الكلمة ولا يحق أن نعطيها ظهورنا قبل أسماعنا وأذهاننا .

وفيما أعتقد أن واحد من أكبر الأسباب وراء شقاء الإنسانية والاحتراب القائم بين أطرافها هي علة الغموض الذي يخيم على بعضنا فإن التفاهم يقود إلى التسالم وليس من شيء يعين على التواصل وإشاعة التعاون مثل التعارف وهذا ما قصد إليه نص القرآن من تعدد الشعوب والقبائل بغرض التعارف والتفاهم .

ثم تحدث عن اللغة العربية وتأثيرها في العقل العربي وأكد بالمقارنة مع لغته الإنجليزية أن العربية لغة عاطفية ومشبعة بالحماس والمشاعر أكثر منها علمية وقاطعة وأنها تملك أدوات مثل التكرار والتأكيد والإيهام التي لا تجعل منها لغة مناسبة للعصر العلمي الحاضر .

وفيما أظن أن هذا ليس عيباً في العربية نفسها الذي اختارها الله لتكون لغة أعظم كتبه وآخرها ولكن العيب في أهلها لأن اللغة مرآة أهلها وإذا لم تدمج في الحراك الثقافي والصناعي والعلمي الحادث في البشرية فإنها ستتراجع كل وهلة عن تتناسب مع هذا العالم المتحدث كل ثانية .

ثم مال بالحديث إلى المكون البدوي في الثقافة والعقلية العربية وقد أتحفظ على بعض ما ذهب إليه من انتقادات وإضاءات حول بعض القيم البدوية وصوابها ولكنه استطاع أن يكشف بعض الخبايا والخفايا التي تدير عقولنا وتصوغ سلوكاتنا وحساسيتنا من بعض الجوانب والأشياء .

سيما فيما يخص المرأة والنظرة التي عانتها في ظل مجتمع ذكوري وأبوي وقد استخدم أدواته العلمية والبحثية إلا أنه أغفل الخصوصية التي تمحنها الثقافة الشعبية الأصلية والمكون الديني الإسلامي خاصة عندما يقارن مع مجتمعه الغربي الذي يختلف جذرياً معنا كعرب ومسلمين وليس بالضرورة أن يكون المستوى التي بلغته الحضارة الغربية في مجال المرأة والإنسانيات هو مبلغ ما نتمناه في رؤيتنا الخاصة .

ولم يغفل الحديث عن المكون الإسلامي في العقل العربي وهو من أساسات التكوين والنقاط المحورية والمرتكزات النوعية في تشكيل العقل العربي لكنه أشار إلى الانحرافات الدينية على اعتبار أنها مقبولة في أصل الدين وبنائه وهي لاتتجاوز أن تكون أخطاء مذاهب وفرق قد لا يقف الإسلام في صفها ولا يؤيد توجهها ولكن العصبية لا تأخذنا إلى إغفال بعض الأخطاء التي تواطئ عليها المسلمون وهي ليس من صميم الدين ولا من هديه .

بشكل عام كان رافائيل باتاي منطقياً في كتاباته واستنتاجاته ولكنه تحيز إلى جانب الفكرة الغربية وأصرّ على العقل العربي سيختار الطريقة الغربية في التعامل مع بعض الجوانب الإنسانية مثل الأمور الجنسية وأسلوب العلاقة بين الجنسين والتصريف اللامشروع للطاقة الجنسية وقال بأن العرب لا شك خاضع وماثل للطرق الغربية المفتوحة والحرّة .

أتممت قراءة هذا الكتاب بتاريخ الأحد 3 / 7 / 1432 راجياً من الله المزيد من التوفيق ولكم كذلك .

الاجتهاد والتقليد






لكاتب لا أعرفه اسمه محمد إبراهيم شقرة ولكنني عرفت الفائدة من كتابه والنفع العظيم الذي وجدته في ثنايا هذه الرسالة القصيرة الموسومة بعدد من الفصول الصغيرة والعناوين الرائعة في موضوع هام وحساس وجاد لمثل هذا العصر والزمان الذي لا يحتاج إلى فكرة وينفر من نقيضتها .

هي فكرة الاجتهاد أو عملية الاجتهاد والتجديد والتخريج الشرعي للأحكام الموائمة لعصرنا وزماننا ، وكم هي حاجتنا الماسة لهذه العملية الفقهية والفكرية النبيلة لو أن علمائنا ومفكرينا أخذوا بها وانتهجوها في سلوكهم العلمي ومناهجهم البحثية .

وكم هي الويلات التي لحقت بنا من جراء التقليد والمماثلة المقيتة التي مورست في الفقه والتشريع الإسلامي لينطلي الفكر والثقافة والأدب بهذه العميلة الرتيبية وينجرّ ذلك بالتالي إلى حياتنا لعامة من البلادة والتقليدية والروتينية التي قتلت الإبداع فينا والتميز من أنشطتنا ليكتب لنا كمسلمين عصراً من الذل والتخلف والرجعية .

استطاع الكاتب في هذه الورقات القليلات أن يختزل هذا الموضوع الهام ويتناول أهم جوانبه وعناصره باختصار لا يخل بالمضامين ويحقق الفائدة من وراء كتابه ليؤكد شرعية عملية الاجتهاد وحاجة الدين والإنسان إليها .

سترى كيف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو قدوتنا في هذا النشاط العقلي المميز ثم صحابته الكرام والتزامهم هذا الخط المميز من الحراك الفكري والفقهي الذي أنتج حياة مميزة في ظل تسامح ديني وصفاء وجداني أسهم في تقدم الإسلام إلى الأمام وتحقيق فتوحات عظيمة في العلم والسياسة والفكر والثقافة .

ثم جموع الأئمة العلماء ممن وقف عند عقولهم الدفق الفقهي والتجديد الديني الفكري الذين أكدوا أن الدين في حاجة إلى من يكمل مسيرتهم المتصفة بالاجتهاد والتحديث الكبير وهكذا ساق الكاتب كل ما يحبّذ إلى الاجتهاد وإلى استمرار هذه العملية النشطة والمميزة التي وقفت وجرّت ذيول الهزيمة والتراجع إلى الجسد الإسلامي المنهك بالإخفاقات والتخلف .

الإسلام ومعضلات الاقتصاد



قد لا يعرف العرب الكثيرعن أبو الأعلى المودودي فهو من باكستان المسلمة ويكتب بلغتها ولكنه صنونا في الدين والهم الواحد لتنصيب كلمة الله حاكمة في أرضه وسائرة بين خلقه وما كنت لأعرفه لولا سلسلة الأفلام الوثائقية " الإسلاميون " التي أنتجتها قناة الجزيرة الفضائية في مرة من المرات وهي مجموعة من الأفلام ذات النفع الكبير وتؤرخ لتجربة الإسلاميين في قيادة بلدانهم وتسلم زمام الإمرة والحكم في الدول العربية والإسلامية وهي مرحلة لها من الإخفاقات والنجاحات التي لم تنضج وتكتمل لظروف محيطة تختلف من بلد لآخر .

موضوعنا هو واحد من مؤلفات أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية بباكستان تناول فيه معضلة عصرية تنتمي إلى الصف الأول من اهتمامات الشعوب وهي الاقتصاد وكيف تناوله العالم الغربي بأفكاره ومناهجه والآخر الشيوعي بحكوماته وشيوعيته كما لم ينس الرأي الفاشي في مسألة الاقتصاد .

ثم تطرق إلى المنهج الإسلامي في بناء الاقتصاد وتنميته وطرق الكسب والصرف وأهم الفوارق التي تفصل بينه وبقية المناهج الوضعية .

والذي يعرف المسؤولية التي تبناها المودودي يعرف إلى أي نقطة سيصل بك في هذا الكتاب ، فهو يريد أن يقنع قارئه والعالم كلمه من بعده إلى صواب الفكرة الإسلامية في بناء الحكومة وتسيير شؤون العباد وإعمار الأرض وتوفير العيش الكريم للجميع .

أصل الاختلاف بين المناهج الوضعية والطريقة الإسلامية هي تباين الغايات ، فكون الإسلام يتحرى رضى الله - عز وجل - في كل عمل فهو يعمل على تطهير الغايات والوسائل لتحقيق المصالح وتحصيل المنافع بينما تعمل بقية المناهج والتشريعات على تحقيق مصلحة الإنسان وتوفير أكبر من قدر من الفائدة والمنفعة دون عناية بشرعية السلوك وتوافقية الوسيلة مع الإرادة الربانية .

وسيكون معنا المودودي خلال أكثر من شهر لأنني عزمت على إتمام مؤلفاته وفهم تصوره حول التشريع الإسلامي وحلوله التي يداوي بها أوجاع الإنسانية .

ظاهرة الصراع في الفكر الغربي


في مؤلف صغير ضمن سلسلة الكتب التي يصدرها مركز التأصيل للدراسات لأبو زيد بن محمد مكي ضمنه المناهج الغربية بتبايناتها الثلاث حول الإنسان فهماً وتربية وسلوكاً .

تناول الكاتب كل منهج وأسلوبه في التربيه وأهم رواد الفكر الذين قدموا أطروحاتهم ضمن هذه المناهج وفي نهاية كل منهج قدم نقداً مختصراً لأفكارهم وانتهى بعرض المنهج الإسلامي وأسلوبه في التربية على أساس من منهجيته في فهم الإنسان والكون والطبيعة .

منهج الفردانية أولاً الذي أعلى من شأن الإنسان وحريته في التملك والتجارة وإشباع رغباته وإرواء ظمئه وشهواته دون عناية بشأن المجتمع ورعاية للمصالح العامة وكيف أن الرأسماليه أخذت بهذه الفكرة وطورتها وحولتها إلى الواقع عبر نظمها الحاكمة ثم تتالت الآثار المدمرة لهذه النظرية من ارتفاع نسب الفقر وتفشي المشاكل الأخلاقية وموت القيم الإنسانية .

ثم نقيض هذا المنهج والفكرة الجماعية والإيمان بوحدة الحزب الواحد والدولة الواحدة والهيئة المنظمة التي تأخذ بأبسط حقوق الفرد من أجل مصير الجماعة لتكون الفكرة ماثلة في النظام الشيوعي الذي انقلب من نعمة إلى نقمة على العمال والكادحين وطبقة المغلوبين بعد أن جردهم من حقوقهم وعواطفهم ورغاباتهم وحاجاتهم وشهواتهم وجعلها ملكاً في يد الدولة وفي أزمة القيادة الواحدة .

ثم المنهج التلفيقي الذي يحاول الجمع بين المنهجين الفردي والجماعي ويؤكد حق الفرد في الحرية والتملك والاتجار وسائر الحاجات الإنسانية والفطرية وحق المجتمع في نفس الوقت في الاهتمام بشأنه العام ورعاية حال المساكين والفقراء والمعوزين ودعم المشروعات العمومية التي تعود بالنفع إلى المجمعات واحترام القيم والمبادئ العامة وعدم تجاوز الحدود والموانع الموضوعة .

وهذا المنهج التفليقي - على حد تعبير المؤلف - أقربها إلى المنهج الإسلامي ولكن المؤلف حاول أن يستنطق أخطاء هذا المنهج وأن يستولد انحرافات لابد حاصلة في العلوم الإنسانية لينتهي بك المؤلف إلى الجانب الإسلامي ومنهجه في صياغة الأنظمة والأفكار التي تنظم حياة الناس ومصائرهم .

ومنهجنا الإسلامي سيظل حبيس الكتابات والأحبار ما لم تتبناه دول وحكومات تؤمن به وتقوم بشأنه لنعرف ما ينقصه وما يحتاج إليه ونضيف إليه من عصارة عقولنا وخراج تجاربنا ، ولا مجال للشك أن القرآن والسنة نزلت بأبدع الأحكام والقواعد وأفضل المرتكزات وأصوب المناهج ولكنها ستبقى جامدة وغير حية إذا لم ننفخها بروح من التجربة ونزلنا بها إلى الشارع نافذة قائمة .