علي الوردي عجيب وغريب ، فأما عجيب فهو لعمق أفكاره وعذوبة أغواره شجاع إلى درجة يبث فيها آراءه دون هوادة وينظمها عقداً ناصع الدر والقلادة ، وأما غريب فهو كذلك لشدة بأسه وندرة جرسه فيما يطرح من آراء دون الشذوذ وفوق العادية .
وهنا يتعرض لواحد من أكثر مواهب العرب وأكثرها بروزاً ووضوحاً حتى اختار الله أن تكون معجزة النبي العربي فيما اشتهروا بإجادته وذاعوا بالنبوغ فيه ، اللغة العربية والصياغة الأدبية والبلاغة النثرية والفرادة الشعرية .
الوردي يقسو على التاريخ الأدبي العربي سيما في شعر الشعراء ومطارحات البلغاء ، ويتهمه بالمصلحية والشذوذ الجنسي ومداهنة السلاطين ناهيك عن عيب العربية في الانصراف عن الإيجاز والموضوعية والاتكاء على المبالغة وتعقيد الصياغة وتعجيز الحياكة .
الكتاب عبارة عن مطارحات في مقالات بين الوردي ومجموعة من المختصين في الشعر العربي تاريخاً وفناً وأداة ، بثت في الصحف العراقية آنذاك وجمعت في هذا المؤلف الشيق الذي تلمح فيه علاقة الشعر والأدب العربي بعمومه بعلم الاجتماع الإنساني الذي يعدّ ميدان الوردي الأساس وهو منه ناصية الرأس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق