كل إصدارات المركز الثقافي العربي تؤخذ من جانب الكثير على محمل الجد والاهتمام ، وهذا الكتاب الذي خطه فايد العليوي يسبر غور واحدة من المحظورات الاجتماعية والثقافية والسياسية في المملكة العربية السعودية عرين السلفية الإسلامية التي انتهجت أساليب متحفظة في التربية الاجتماعية والحراك الثقافي والنشاط السياسي .
تحفظ ونأي بالنفس يأخذ أشكالاً متعددة وتبريرات مختلفة باسم التقاليد والدين واللارغبة السياسية ، أحياناً يغلو إلى درجة العطالة الفكرية وخسارة الرهانات السياسية وتفويت مصالح الشعوب وتمرير الأخطاء القاتلة .
ورغم أن الكتاب متخفف من أثقال الشروط الأكاديمية والبحثية ويتناول القضية من جانبها الاجتماعي والثقافي مما جعله سهلاً هنيئاً مريئاً لقارئ بسيط وعادي مثلي ، وهنا تكمن ضرورة الكتاب وتوجهه الذي يكشف عن ضحالة الثقافة السياسية في الأوساط الشعبية والمجتمعية السعودية .
ولقد أكد الكاتب عبر مقطوعاته التاريخية والعلمية واقتباساته لبعض الكتاب الغرب والعرب عن أهمية الثقافة السياسية لأي مجتمع ينوي التقدم والنهوض والازدهار ونيل حقوقه المشروعة ومواكبة الأمم والشعوب التي تشرئب لمستقبل مشرق وكريم وسعيد لها ولأجيالها .
تناول العليوي ضعف الاستعداد الاجتماعي لتشرب الثقافة السياسية وأسباب ذلك التي تتوزع بين انخفاض الرغبة الشعبية منذ التربية الأسرية إلى اللامبالاة التعليمية حتى بلوغ المواطن مراحل عمرية ووظيفية كلها تسهم في تجنيب الفرد أي نية أو حتى أبسط احتكاك للتزود بثقافة سياسية تحقق له الاندماج السياسي والنشاط الثقافي والحراك الاجتماعي الذي يضمن تحصيل الحقوق وتطوير المنظومة الوطنية في كافة جوانبها .
تناول الكاتب ( أنظمة الحكم ، الحرية ، الوطنية والمواطنة ، المعارضة ، البطانة ، الدولة ) حسب الثقافة السياسية السعودية ، وكشف عن ضعف الدراية بها التي تصل إلى حد تشوه المفاهيم وتعرضها لحالات انتقاص وتضليل كبيرة ، وبعضها الآخر يمارس على هيئة بدائل غير ناضجة ولا مستوفية لشروط فاعليتها وتأثيرها الحقيقية ، باختصار تكون موظفة على نحو منزوع الدسم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق