يملك هذا الكتاب شهرة واسعة في الأوساط الأدبية العربية ، وهو حديث أديب ياباني مستعرب عاش طويلاً في بوادي مصر وسوريا وحواضرها وزار حضرموت باليمن والمغرب ، وسبر غور الأدب العربي قديمه وحديثه سيما الرواية وعشق قلم الليبي إبراهيم الكوني والمغربي عبد اللطيف اللعبي والفلسطيني غسان كنفاني والمصري يوسف إدريس .
وتحدث نوبواكي نوتوهارا عن أربعين سنة عاشها في البلاد العربية ودراسة الأدب العربي وجمعته علاقات واسعة بالبدو والأدباء والرواة العرب ، كانت كفيلة أن تؤهله لكتابة مؤلف يكشف عن وجهة نظره في العالم العربي بكل آمالهم وآلامهم سيما إذا كانت من وجهة نظر رجل ياباني يمثل ثقافة مغايرة ومختلفة وشديدة البون ، إذاً ثقافتان مغيبتان عن بعضهما ومحجوبتان إلا من جسر أوروبي مهلهل ممدود بينهما وواصل إلى بعضهما ولكنه لا يؤمن جانبه ولا يضمن سالكه .
بدأ اليابانيون منذ الجيل الأول حتى الجيل الشاب الرابع اكتشاف العرب بأنفسهم ، ومد جسور تواصل مباشر بين الثقافتين وعدم الاعتماد على وسطاء ربما يضللون الحقائق ويضربون بالعوائق دون تواصل حر ونزيه .
أما العرب في وجهة نظر نوبواكي نوتوهارا فإنهم يعانون من ويلات القمع السياسي ، تسيطر عليهم حكومات غير منتخبة ولا شرعية ولا حريصة على مستقبلهم ، ينتشر الخوف والفساد وتنعدم الثقة وتضيع الثروات ويستشري بلاء الاستبداد في كل مكان ، هذا في الحواضر المستقرة .
أما في الصحراء فهناك إنسان آخر ، يعيش انسجاماً بارعاً مع الطبيعة الصحرواية القاهرة ، يمارس الصبر كأسلوب حياة لمقاومة المحل والضجر الذي لا يعرفه الصحراوي على أساس أن مفهوم الزمن عنده يختلف عن الرجل المستقر ( المتمدين ) .
الكتاب مكتوب بلغة العرب بمعنى أنه موجه إلى القارئ العربي ، وهو شبه مقارنة بين العرب وبين الحالة اليابانية التي شكلت طموحاً عربياً مشروعاً بعد تفوقهم على ضعفهم ونوايا القوى العظمى السيئة تجاههم ، لا سبيل للتشكيك في نوايا الكاتب الياباني الذي تناول الحالة العربية بكل عاهاتها لأنه يكتب بطريقة موضوعية ومباشرة دون مرواغة أو أدنى محاولة للشك في مراميه البعيدة واعتمد إلى حد بعيد على معاشرة الرجل العربي في بواديه وحواضره وعلى نتاج الرواية الأدبية التي جسدت له الأبعاد التاريخية والأسطورية والذهنية لسلوك العرب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق