الأحد، 17 مارس 2013

يوميات الثورة





من ميدان التحرير .. إلى سيدي بوزيد .. حتى ساحة التغيير

أما نواف القديمي فإنك لتستحي أن تسميه مجرد صحفي يطوف البلدان ويسجل فيها ذكرياته ويقيد يومياته ، ولكنه أبعد من ذلك بكثير ، فما إن اختتم واحدة من مؤلفاته الرائعة إلا وتزداد فتنتي بقلمه وتعلقي بتفكيره ومنطقه وحلو لسانه .
ويبدو أن القديمي وجد في هذه الثورة فرصة ليحيل أشواق حريته القديمة إلى واقع يراه يخطو بوقع ثوري على الأرض ، فهو يراجع في نهاية هذا الكتاب التفكير السلفي والتحولات التي بدأت تشرق من ثناياه باتجاه التصالح مع الديمقراطية ولو بمجرد القبول بآلياته والحرج من فلسفتها ولكنها خطوة على حسب ما يذكر القديمي باتجاه التقدم والتطور .
وقبل هذا يسجل القديمي بعض ما رآه واستحق كتابته من الميادين الشعبية التي احتضنت آمال الأمة ورسمت على عرصاتها بدماء الأحرار مستقبل شعوب لن تعطي فرصة أخرى للاستبداد أن يستشري عروق وطنهم أو يتمدد في أعضاء بلدهم .
منذ الشرارة الأولى في جسد البوعزيزي سوف تقف على تفاصيل جديدة ومثيرة في قصة هذا الشاب الريفي البسيط ، ثم تتابع بدقة متناهية تمدد الفعل الثوري إلى بقية البلدان العربية ، ستكتشف حجم التباينات والتشكلات الفكرية والسياسية التي تثري الحراكات السياسية في البلدان الثائرة .
وكعادة القديمي يقدم مادته بأسلوب سلس ومعلومات طازجة وبرشاقة صحفي ماهر ، ورغم دسامة الموضوعات التي يتناولها ولكنه يتعاطى معها بشكل متسلسل ووضوح تام ينبئ عن حجم الدراية والاطلاع الذي يمتاز به قلمه الثري .

بين الجزيرة والثورة



سنوات اليأس .. ورياح التغيير

هذا الكتاب واحد من إصدارات الشبكة العربية للأبحاث والنشر التي تعمل بنفس مميز وتدار بعقلية عبقرية وتكاد لا تصدر من المؤلفات إلا ما يطابق رغبات الجمهور ، وهي في كل مرة تثبت جدارتها بالصدارة .
هذه المرة يكتب لنا إعلامي تلفزيوني سعودي انتقل بفضل إمكاناته وبحثه الجاد عن متنفس حقيقي يتسق مع تطلعاته ، انتقل من التفلزيون السعودي بكل بيروقراطيته إلى منبر الجزيرة القطرية بكل أفقها المتسع وفضائها الكبير .
يحدثك الظفيري عن بعض تفاصيل هذا الانتقال العابر للحدود ، ويهمس في أذنيّ كل معنيّ بالإعلام السعودي عن عيوبه ومثالبه ، ثم يعرج بك إلى كواليس واحدة من الفضائيات ذات التأثير العالي الذي زاد ثقلاً مع موجة الثورات العربية .
وينتهي المطاف بك وأنت تقرأ صفحات هذا الكتاب الظريف الأليف في عمق الثورات العربية التي طافت على بلدان عتيقة ، محاولة منه لقراءة مواقفها المتباينة وظروفها المختلفة ، في تونس حيث الفعل الثوري الناضج الذي تم على نحو هادئ وبقليل من جرعات التصعيد الإعلامي لكأن البدايات كثيراً ما تكون خجولة ، إلى مصر بثورتها العظيمة وليس وصف أنسب من هذا ، لأنها الثورة التي استوعبت منتهى الطموحات العربية ، إلى ليبيا بنهاياتها الدرامية ، إلى اليمن بدمويتها المسرفة ، إلى سوريا التي لم تتبين ملامح خاتمة ثورتها بعد ، والحديث عن الثورة ليس بعيداً عن واحدة من المؤسسات الإعلامية العربية التي اتهمت في حين بالتحريض ، والتمعت في حين آخر نجماً في سماء العروبة النزيهة والرغبوية الشعبية الصادقة .
الكتاب ممتع جداً .

في ضيافة كتائب القذافي




هذا الكتاب يروي قصة اختطاف فريق قناة الجزيرة في ليبيا إبان الثورة الليبية المجيدة التي انتهت بسقوط القذافي الطاغية المغفل الذي فرص سطوته البوليسية على جسد ليبيا الطاهر ما يزيد على الأربعين عاماً وهو يجرجر أذيال الخيبة على شعبها ويرسخ أبشع صور العبودية واستنزاف مقدرات الوطن .
القصة يرويها مراسل الجزيرة أحمد فال بن الدين الذي كان على رأس فريق القناة الذي تجشم مصاعب ومتاعب الدخول إلى أراضي ليبيا وهي في ذروة الانقباض الثوري من أجل نقل صورة نزيهة وموضوعية عن الموقف الإنساني والعسكري للثورة .
فال بن الدين صحفي موريتاني التحق في شبكة الجزيرة منذ فترة ليست بالقصيرة وهو كعادة أهالي موريتانيا حافظ للشعر والقصيد العربي الأصيل وستجد كثيراً من المقطوعات الشعرية التي جاءت في مقامها المناسب ومحلها الملائم ، بينما تقرأ تفاصيل مأساة الحبس وتنجذب بقوة إلى المتاعب التي لاقت الفريق في سبيل الدخول إلى ليبيا وتقترب من لحظة القبض بتهمة تحريض الشعب على النظام وتفاصيل كثيرة تكشف عن واحد من وجوه منظومة بطش سياسية كانت تخنق شعباً ليبياً أبياً طوال عقود من الزمن العربي الصعب .