من ميدان التحرير ..
إلى سيدي بوزيد .. حتى ساحة التغيير
أما نواف القديمي
فإنك لتستحي أن تسميه مجرد صحفي يطوف البلدان ويسجل فيها ذكرياته ويقيد يومياته ،
ولكنه أبعد من ذلك بكثير ، فما إن اختتم واحدة من مؤلفاته الرائعة إلا وتزداد
فتنتي بقلمه وتعلقي بتفكيره ومنطقه وحلو لسانه .
ويبدو أن القديمي وجد
في هذه الثورة فرصة ليحيل أشواق حريته القديمة إلى واقع يراه يخطو بوقع ثوري على
الأرض ، فهو يراجع في نهاية هذا الكتاب التفكير السلفي والتحولات التي بدأت تشرق
من ثناياه باتجاه التصالح مع الديمقراطية ولو بمجرد القبول بآلياته والحرج من
فلسفتها ولكنها خطوة على حسب ما يذكر القديمي باتجاه التقدم والتطور .
وقبل هذا يسجل
القديمي بعض ما رآه واستحق كتابته من الميادين الشعبية التي احتضنت آمال الأمة
ورسمت على عرصاتها بدماء الأحرار مستقبل شعوب لن تعطي فرصة أخرى للاستبداد أن
يستشري عروق وطنهم أو يتمدد في أعضاء بلدهم .
منذ الشرارة الأولى
في جسد البوعزيزي سوف تقف على تفاصيل جديدة ومثيرة في قصة هذا الشاب الريفي البسيط
، ثم تتابع بدقة متناهية تمدد الفعل الثوري إلى بقية البلدان العربية ، ستكتشف حجم
التباينات والتشكلات الفكرية والسياسية التي تثري الحراكات السياسية في البلدان
الثائرة .
وكعادة القديمي يقدم
مادته بأسلوب سلس ومعلومات طازجة وبرشاقة صحفي ماهر ، ورغم دسامة الموضوعات التي
يتناولها ولكنه يتعاطى معها بشكل متسلسل ووضوح تام ينبئ عن حجم الدراية والاطلاع
الذي يمتاز به قلمه الثري .