السبت، 30 يونيو 2012

تجديد الفكر العربي





زكي نجيب محمود واحد من أعلام الفكر العربي المعاصر ، واحد من نجباء أم الدنيا مصر ، انغمس في الثقافة الأوروبية حتى أدرك غوامض لوامع علمها وفنها ثم ارتد إلى عروبيته ثقافة وفكراً وحضارة وتاريخ ثم تشربها باستيفاء كافي .
وكتابه واحد من أهم مدخرات المكتبة العربية والفكرية ، يتناول أهم قضايا الفكر المعاصر التي لم تهدأ بعد ، قضية التراث والحداثة التي اشتغل عليها رواد المفكرين والمعنيين بالشأن الثقافي والفكري .
زكي نجيب بعد عرض تجربته مع الثقافة الغربية حتى اعتقد أنها خلاصة النتاج البشري وغايته ، يحاول بمقارباته العميقة أن يشق الطريق إلى إنتاج فكر عربي جديد يمزج الأصالة بالمعاصرة بعد استيقانه أن ذلك السبيل الأصوب لحل معضلة التداخل بين الذوبان والانكفاء .
تحدث عن اللغة كوسيلة هامة في الطريق إلى تجديد الفكر العربي ، إذ تعتبر اللغة بألفاظها وتركيباتها مراكب السفر إلى حيث شواطئ الحلم العربي بالنهوض والتميز ، ولن ينتفع بها العرب دون ترميم وتصميم .
ثم تحدث عن اقتراح بناء فكري عبقري يجمع الثنائية الذكية التي يتميز بها العقل العربي بين طرفي الأمور لتستقيم الكفة وتعتدل الحياة .
وبعث نجيب محمود بعض قيمنا التراثية الباقية أو بالأحرى مما يحتاج إلى إجلاء وإعادة تنوير وتثوير ، لما لها من دور رصين ومكان قمين بها لتدفع بعجلة التجديد وصناعة التحديث والترقي المطلوب في سبيل نهوض الفكر العربي .

الكتاب ثمين وفاخر ومميز ، يكتبه واحد من أعلام الفكر العربي الحديث بلغة أدبية رفيعة وقدرة موضوعية متزنة إنما تنم عن قدرة خلّاقة ونفس مستقرة مؤمنة بقدرتها وقدرة أمتها التاريخية والراهنة لصناعة مستقبل جدير بها .

تحولات الإسلاميين




" من لهيب سبتمبر إلى ربيع الثورات "

وليد بن عبد الله الهويريني كتب صفحات هذا الكتاب الذي جاء ضمن إصدارات مركز البحوث والدراسات التابع لمجلة البيان ذات الخط السلفي المعروف .
الكتاب جاء كما فهمت كمحاولة لإعلان توجه جديد يقف في منطقة تقابل جموع الإصلاحيين الذي أنجبتهم فترة ما بعد سبتمر ، ممن وجه سهام نقده وأعمل معاول التفكيك والتجريد لبنى الفكر السلفي الذي اتهم بإنتاج أزمة الإرهاب الإسلامي .

في رأيي المتواضع أن الكاتب لم يملك القدرة الكافية لتفنيد حجج التيار الإصلاحي - كاسم دارج - ولا بيان سلبياته وتأكيد بعض صوابات الفكر السلفي ، إذ هو خريج لغة تقليدية وعقلية نقدية وحوارية تجاوزها الزمن بتركيباته الفكرية واللفظية الحديثة .
قد تكون بعض أفكاره تتسم بكثير من الموضوعية والصوابية ولكنها خسرت قيمتها تبعاً لاستخدام لغة عادية تقترب من السرد الصحفي ولا ترقى إلى مستوى النقد الفكري المتعمق بلغته السهلة الممتنعة مما نزل بمستوى الكتاب إلى درجة أقل .

لو كنت طيراً


كتاب رشيق وخفيف للعلامة سلمان بن فهد العودة ، ويبدو أن العودة يتنازل عن هذه الدرجة العلمية الشرعية استجابة لظروف هذا العصر ( السريع - المتخفف - المتمدن ) عبر واحدة من أيقوناته الحديثة " تويتر " .
الكتاب يجمع أغلب تغريدات فضيلة الشيخ عبر الموقع العالمي " تويتر " وفق تبويات موضوعية دينية واجتماعية وفلسفية وسياسية .
يتناول ظروف متبدلة ووقائع جديدة وآراء قديمة تجدد من نفسها وأخرى جديدة لا تستغني عن حضورها التاريخي ، وهو لم ينفك عن التحليق في سماء الربيع العربي الذي عصف بالعقول والعوالم الحقيقية والافتراضية .
التغريدات عباراة عن استجابات ثقافية لحظية لأحداث تدور من حولنا تقوم بتشكيل آرائنا وعقولنا ، وأحياناً نشارك في صناعتها عبر إثارة التفاعل العالمي والجماهيري لقبولها أو رفضها .
يبدو أن الشيخ العودة تفطن للقيمة الحقيقية وراء هذا العالم الافتراضي وأصبح يوظفه لمجابهة خناقات الرقيب في ظل لغته الشرعية والفكرية التي تغرد خارج السرب .

أسوار الصمت



" قراءة في حقوق الفرد المدنية في السعودية "

وليد بن محمد الماجد هو كاتب ورقات هذا المؤلف العظيم ، رغم قلة صفحاته ولكنه مستوعب وثري وجريء جداً .
هو كتاب ينتمي إلى مرحلة ثورات الربيع العربي ، وصاحبه ينتمي إلى طبقة شباب هذه المرحلة الحرجة على كل ما هو ماضوي وسلطوي ورجعي والمشرقة لكل ما ينتمي للمستقبل القادم بقوة متخففاً من حمولات الخيبات العربية الكثيرة .

المجزوم به أن " الحقوق " في بلاد مثل السعودية تعاني كثيراً لا من جهة درجة تطبيقها ولا من جهة العلم بها ، إذ يعاني جموع السعوديين من ضحالة الدراية الكافية بحقوقهم وتعاني على صعيد التطبيق الكثير من الضعف والتعقيد والبيروقراطية .
الماجد استطاع أن يصنع في قارئه " صدمة " لحجم الجرأة التي يتمتع بها الكتاب ، ناهيك عن اللغة القانونية المخففة مما يجعلها سائغة لدى القارئ العادي غير المتخصص .
الثورية تبدو على الكتاب منذ منطقة " الإهداء " ، بينما تبحر في أعماق الكتاب لتجد كماً هائلاً من معلومات المقارنة واستعراضاً مؤلماً للحال السعودية .

لو كان بيدي من الأمر شيء ، لأمرت كل مواطن سعودي أن يلم بهذا الكتاب عن ظهر قلب .

مشروع العمر



كاتب هذا المؤلف الرائع يسكن على بعد كيلوات قليلة عن منزلي ، إنه الشيخ مشعل بن عبد العزيز الفلاحي واحد من نجوم المشروع الدعوي الناضج الذي يضيء خيراً وبشراً ونوراً في سماء وادي حلي .
رجل مسكون بفكرة " مشروع العمر " في حديثه العابر ومحاضراته المتناثرة ورسائل جواله ومقالاته المتقاطرة علماً وحكمة .
حتى التصق بهذا المفهوم وكاد يزاحمه اسمه ورسمه .

وبالنسبة للمؤلف فهو جدير بالقراءة وحقيق بالاهتمام ، لغته تتفجر بالحماسة والرغبة المريدة للإيصال الفكرة  ، ومجموعة أفكار ورؤى ومشاريع تنتظم في عقد أدبي لائق .
لن تخرج من هذا الكتاب الذي سكب فيه الفلاحي جهد سنوات من التخمير والبحث والاستيقان لفكرة نبتت في رأسه ووجدت طريقها إلى كتاب متكامل ودسم ثري ، لن تخرج منه إلا وأنت عاقد العزم والنية على البحث عن ضالتك ومشروعك الذي سيحتوي حماسك وزهرة عمرك وحصيلة عقلك في بنائه الحصين .
اقرأ هذا الكتاب الثمين ، وابدأ مشروع العمر .