السبت، 21 أبريل 2012

السياسة بين الحلال والحرام " أنتم أعلم بأمور دنياكم "






الحق أن السعودي تركي الحمد صاحب الثلاثية الروائية المثيرة للجدل والخبل ، من أكثر من تعرض للتشويه والهجوم والخصومة إلى جانب عدد لا بأس به من الكتاب والمفكرين ، تصدروا المشهد الثقافي والفكري والحراك الاجتماعي في مظهر قليله صحي وكثيره مرضي غير نافع ولا مجدي .
قلم تركي الحمد في هذا الكتاب أقل حدة من حديثه النيزكي الساقط بعنف على خصوم أفكاره ، فهو كثير التأدب مع حقائق الأمة ، وله بعض أفكار وآراء تحمل صدقية عالية وفائدة غالية ولغة " حالية " ، ولا يحق لك أن تقرأ كتاباً لرجل جدلي مثل هذا إلا وأنت متخفف من سيطرة الذهنية الغوغائية .
بالنسبة لي أتحفظ على بعض توجيهات الكتاب التي تقترب من علمنة المجتمع والحالة السياسية ، وإن كان الفصال هام في رسم المعالم العامة ولكن تجريدها بشكل جذري ونهائي قد لا يحقق منفعة ترجى في مجتمع يدين بأصح الأديان وأكثرها واقعية وموضوعية .
الكتاب به ما يستحق الاهتمام ، ويكتبه رجل خبير بالسياسة والشأن العام ولا مانع من تصويب المآخذ الشرعية في عمل توفيقي لا يعطل الدين ولا يضمر حركة الحياة .

الفلسفة الإسلامية وأعلامها






كتاب مبسط ومختصر ، يختزل جهداً موسوعياً في مئتي صفحة أو تزيد أعدها وقام بتحقيقها يوسف عرفات ، وأجمل فيها المعلومات حتى أكمل ، وأغرق المؤلف بأس المعلومات حتى أثمل .
في البدء قراءة موجزة للعقل العربية قبل النبوءة الإسلامية وبعدها والعوامل المؤثرة لكلا المرحلتين ، ثم استعراض أكثر إيجازاً وإثماراً لأبي العلاء المعرّي وأثره الفلسفي في العقلية العربية والإسلامية باتجاه التشاؤم الذي اشتهر به واصطبغ على الروح العربية بعض وقت .
تعرض الكتاب للنهضة الفكرية والتصوف وأعلامه وإخوان الصفاء وجمع من الأعلام التي تركت ذخائر فلسفية ومغانم فكرية كانت المؤسس للفلسفة الإسلامية والمرجح للكفة العقلية في الثقافة العربية كالفارابي وابن سينا والغزالي .
ثم تحول للحديث عن انتقال الشعلة العلمية والفلسفية من الشرق إلى الغرب الإسلامي وتعرض لأعلام هذه المرحلة مث ابن باجه وابن طفيل وابن شد وابن خلدون الذي ختم به هذا الكتاب الثري الذي يستحق منك اقتناءه والتهامه .

محاولة ثالثة








بالنسبة لي هذه المحاولة الثانية في القراءة لقلم الصحفي المشاغب وعاشق المتاعب والمواطن المطالب محمد الرطيان ، وليس من جديد في كتابه هذا غير ما عهدنا من خفة قلمه ورشاقة عبارته وملاحقته للمسؤول المقصّر وشيوخ الغفر .
اختار الشيخ سلمان العودة عنواناً وموضوعاً لواحدة من مقالاته ، وأعلن عن حبه لهذا الداعية المجدد ومنهجه المتفرد ، واختار هليل شخصية اجتماعية ونافذة للحديث عن خيباتنا ومفاخرنا .
ولم ينسى أن يبث مقالاته القصيرة وعباراته الوثيرة في عناوين شتى ومضامين تترى ، تجد فيها الخفة والدسامة ، والتجديد والفرادة ، وأحياناً التكرار والسآمة واللاشيء والعدامة .
ومثل هذه الكتب قد تقرأها للتخفف والتسلية غير منتظر منها كبير فائدة تعم أو علم يهم .

في الطبيعة البشرية







الكتاب في مجمله عبارة عن حوار دسم ومنوع مع عالم الاجتماع العراقي علي الوردي عليه من الله أسبغ الرحمات ، ولست بعارف عن هذا الوردي إن لم تقرأ له وعاظ السلاطين الذي يكشف لك عن عالم بالنفس والكون والمجتمعات .
والكتاب يطرق موضوعات شتى جماعها أنها تبين عن حقيقة الإنسان وطبيعته المتمازجة بمواد متنافرة والمتوافقة باستجابات متنافسة ، يحدثك الوردي عن رأيه في اللاشعور والعائنية والعقل والأنوية والتقاليد العشائرية .
ستجد القراءة ماتعة ولذيذة لأنك ستكتشف خبايا النفس وحشايا الطبيعة الإنسية ، وأنت هنا لا تتلو آيات علم قطعي وحقائق ثابتة ولكنك تقرأ ثمة مقاربات وتفسيرات مظنونة يتهيأ لك صوابها فما تلبث أن تكذبها بعد سويعات أو تستثبتها بعد أحيان .
فاليقين لا يغادرني أن علم النفس والطبيعة البشرية وعلوم الاجتماع الإنساني ستبقى تجدد نفسها كل زمان وتنكث عهدها كل جيل ، حتى لا يقر لها قرار بانطواء هذا الكون وانسحاب الإنسان من مسرح الحياة .